فيها الحركة والسكون فينقطع شرط وجودها فلا يعقل بقاؤها.
(الدعوى الرابعة) : ندعي أن صانع العالم ليس بجوهر متحيز لأنه قد ثبت قدمه ، ولو كان متحيزا لكان لا يخلو عن الحركة في حيزه أو السكون فيه ، وما لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث كما سبق.
فإن قيل : بم تنكرون على من يسميه جوهرا ، ولا يعتقده متحيزا؟ قلنا العقل عندنا لا يوجب الامتناع من اطلاق الألفاظ وإنما يمنع عنه إما لحق اللغة وإما لحق الشرع. أما حق اللغة فذلك إذا ادعى أنه موافق لوضع اللسان فيبحث عنه ، فان ادعى واضعه له أنه اسمه على الحقيقة ، أي واضع اللغة وضعه له ، فهو كاذب على اللسان وإن زعم أنه استعاره نظرا إلى المعنى الذي به شارك المستعار منه ، فإن صلح للاستعارة لم ينكر عليه بحق اللغة وإن لم يصلح قيل له أخطأت على اللغة ولا يستعظم ذلك إلا بقدر استعظام صنيع من يبعد في الاستعارة ، والنظر في ذلك لا يليق بمباحث العقول.
وأما حق الشرع وجواز ذلك وتحريمه ، فهو بحث فقهي يجب طلبه على الفقهاء إذ لا فرق بين البحث عن جواز اطلاق الألفاظ من غير إرادة معنى فاسد وبين البحث عن جواز الأفعال. وفيه رأيان :
أحدهما ، أن يقال : لا يطلق اسم في حق الله تعالى إلا بالاذن ، وهذا لم يرد فيه إذن فيحرم ، واما أن يقال لا يحرم إلا بالنهي وهذا لم يرد فيه نهي فينظر : فإن كان يوهم خطأ فيجب الاحتراز منه لأن إيهام الخطأ في صفات الله تعالى حرام. وإن لم يوهم خطأ يحكم بتحريمه ، فكلا الطريقين محتمل. ثم الايهام يختلف باللغات وعادات الاستعمال فرب لفظ يوهم عند قوم ولا يوهم عند غيرهم.
(الدعوى الخامسة) : ندعي أن صانع العالم ليس بجسم ، لأن كل جسم فهو متألف من جوهرين متحيزين ، وإذا استحال أن يكون جوهرا استحال أن يكون جسما ، ونحن لا نعني بالجسم إلّا هذا.