القطب الثاني
(في الصفات ، وفيه سبعة دعاوى)
إذ ندعى أنه سبحانه قادر عالم حي مريد سميع بصير متكلم ، فهذه سبعة صفات. ويتشعب عنها نظر في أمرين أحدهما ما به تخص آحاد الصفات ، والثاني ما تشترك فيه جميع الصفات. فلنفتح البداية بالقسم الأول وهو إثبات اصل الصفات وشرح خصوص أحكامها.
القسم الأول
الصفة الأولى ، القدرة :
ندعي أن محدث العالم قادر ، لأن العالم فعل محكم مرتب متقن منظوم مشتمل على أنواع من العجائب والآيات ، وذلك يدل على القدرة ، ونرتب القياس فنقول : كل فعل محكم فهو صادر من فاعل قادر ، والعالم فعل محكم فهو إذا صادر من فاعل قادر ، ففي أي الأصلين النزاع؟
فإن قيل فلم قلتم أن العالم فعل محكم ، قلنا : عنينا بكونه محكما ترتبه ونظامه وتناسبه ، فمن نظر في أعضاء نفسه الظاهرة والباطنة ظهر له من عجائب الاتقان ما يطول حصره ، فهذا أصل تدرك معرفته بالحس والمشاهدة فلا يسع جحده. فإن قيل : فبم عرفتم الأصل الآخر وهو أن كل فعل مرتب محكم ففاعله قادر؟ قلنا : هذا مدركه ضرورة العقل ؛