أن لا يكون له في فعله ولا في تركه غرض ، وهذا الانقسام ثابت في العقل ؛ فالذي يوافق الفاعل يسمى حسنا في حقه ولا معنى لحسنه إلا موافقته لغرضه ، والذي ينافي غرضه يسمى قبيحا ولا معنى لقبحه الا منافاته لغرضه ، والذي لا ينافي ولا يوافق يسمى عبثا أي لا فائدة فيه أصلا ، وفاعل العبث يسمى عابثا وربما يسمى سفيها ، وفاعل القبيح أعني الفعل الذي ينضر به يسمى سفيها واسم السفيه أصدق منه على العابث ، وهذا كله إذا لم يلتفت إلى غير الفاعل أو لم يرتبط الفعل بغرض غير الفاعل ، فإن ارتبط بغير الفاعل وكان موافقا لغرضه سمي حسنا في حق من وافقه وإن كان منافيا سمي قبيحا ، وإن كان موافقا لشخص دون شخص سمي في حق أحدهما حسنا وفي حق الآخر قبيحا إذ اسم القبيح والحسن بأن الموافقة والمخالفة ، وهما أمران إضافيان ، مختلفان بالأشخاص ويختلف في حق شخص واحد بالأحوال ويختلف في حال واحد بالأعراض ؛ فرب فعل يوافق الشخص من وجه ويخالفه من وجه فيكون حسنا من وجه قبيحا من وجه ، فمن لا ديانة له يستحسن الزنا بزوجة الغير ويعد الظفر بها نعمة ويستقبح فعل الذي يكشف عورته ويسميه غمازا قبيح الفعل والمتدين يسميه محتسبا حسن الفعل ، وكل بحسب غرضه يطلق اسم الحسن والقبح بل يقتل ملك من الملوك فيستحسن فعل القاتل جميع أعدائه ويستقبحه جميع أوليائه ، بل هذا القاتل في الحسن المخصوص جار ، ففي الطباع ما خلق مائلا من الألوان الحسان إلى السمرة ، فصاحبه يستحسن الأسمر ويعشقه ، والذي خلق مائلا إلى البياض المشرب بالحمرة يستقبحه ويستكرهه ويسفه عقل المستحسن المستهتر به ؛ فبهذا يتبين على القطع أن الحسن والقبيح عبارتان عن الخلق كلهم عن أمرين إضافيين يختلفان بالإضافات عن صفات الذوات التي لا تختلف بالإضافة ، فلا جرم جاز أن يكون الشيء حسنا في حق زيد قبيحا في حق عمرو ولا يجوز أن يكون الشيء أسود في حق زيد أبيض في حق عمرو لما لم تكن الألوان من الأوصاف الإضافية ؛ فإذا فهمت المعنى فافهم أن الاصطلاح في لفظ