إلا استبعاد توارد القدرتين على فعل واحد وهذا إنما يبعد إذا كان تعلق القدرتين على وجه واحد ، فإن اختلفت القدرتان واختلف وجه تعلقهما فتوارد التعلقين على شيء واحد غير محال كما سنبينه.
فإن قيل فما الذي حملكم على اثبات مقدور بين قادرين؟
قلنا : البرهان القاطع على أن الحركة الاختيارية مفارقة للرعدة ، وإن فرضت الرعدة مرادة للمرتعد ومطلوبة له أيضا ولا مفارقة إلا بالقدرة ، ثم البرهان القاطع على أن كل ممكن تتعلق به قدرة الله تعالى وكل حادث ممكن وفعل العبد حادث فهو إذا ممكن فإن لم تتعلق به قدرة الله تعالى فهو محال ، فإنا نقول : الحركة الاختيارية من حيث أنها حركة حادثة ممكنة مماثلة لحركة الرعدة فيستحيل أن تتعلق قدرة الله تعالى بإحداهما وتقصر عن الأخرى وهي مثلها ، بل يلزم عليه محال آخر وهو أن الله تعالى لو أراد تسكين يد العبد إذا أراد العبد تحريكها فلا يخلو إما أن توجد الحركة والسكون جميعا أو كلاهما لا يوجد فيؤدي إلى اجتماع الحركة والسكون أو الى الخلو عنهما ، والخلو عنهما مع التناقض يوجب بطلان القدرتين ، إذ القدرة ما يحصل بها المقدور عند تحقق الإرادة وقبول المحل ، فإن ظن الخصم أن مقدور الله تعالى يترجح لأن قدرته أقوى فهو محال ، لأن تعلق القدرة بحركة واحدة لا تفضل تعلق القدرة الأخرى بها ، إذ كانت فائدة القدرتين الاختراع وإنما قوته باقتداره على غيره واقتداره على غيره غير مرجح في الحركة التي فيها الكلام ، إذ حظ الحركة من كل واحدة من القدرتين أن تصير مخترعة بها والاختراع يتساوى فليس فيه أشد ولا أضعف حتى يكون فيه ترجيح ، فاذا الدليل القاطع على إثبات القدرتين ساقنا إلى إثبات مقدور بين قادرين.
فإن قيل : الدليل لا يسوق إلى محال لا يفهم وما ذكرتموه غير مفهوم.
قلنا : علينا تفهيمه وهو أنا نقول اختراع الله سبحانه للحركة في