معاملة اليتيم
وهذا هو الذي يفرض عليك في ممارستك للعلاقة مع اليتيم ، وفي ما توصي به الناس من ذلك ، عند ما يعيش اليتيم بينهم ، ويحتاجون إلى مخاطبته والتعامل معه ، فعليهم أن لا يسيئوا إليه بالكلام الشديد القاسي (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) لأن ذلك يجرح مشاعره ، ويسقط روحه ، ويضاعف من حزنه ، ويدفعه إلى الشعور بالضياع ، ويعقّد شخصيته ونظرته إلى الناس من حوله ، فلا بد من الكلمة الحانية والبسمة الحلوة ، والنظرة الهادئة المشرقة ، واللمسة اللطيفة التي تدفع بالبسمة إلى شفتيه ، وبالإشراقة إلى عينيه ، وبالطمأنينة إلى قلبه ، وبالثقة إلى روحه ، وبالثبات في خطواته ، ليعود إنسانا فاعلا واثقا بنفسه ، مطمئنا إلى قوته ، مرتاحا إلى غده ، ليشارك في حركة الحياة مع الذين يتحركون فيها من أجل تطويرها إلى الأفضل ، وتحريكها نحو الأقوى والأحسن والأجمل.
* * *
معاملة السائل المحروم
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) لأنّ السائل لا يصدر في سؤاله إلّا عن حاجة وحرمان ، في ما يفرضه ذلك من ظروف قاسية صعبة ، مما يترك تأثيرا سلبيا على نفسه وعلى مجمل حياته ، ويملأ مشاعره بالضعف ، ولذلك ، فلا بد من مراعاة ظروفه النفسية في ما يراد مواجهته به من الكلمات والممارسات ، بالابتعاد عن أساليب الشدّة والقسوة والغلظة ، والانفتاح على الأجواء اللطيفة الحلوة التي تحترم إنسانيته إذا لم تحلّ مشكلته وتقضي حاجته ، فقد عشت ـ يا محمد ـ وعاش أمثالك من الفقراء ، كل مشاكل الفقر وآلامه ، وكل نتائجه السلبية النفسية ، مما يجعل التفاعل بينك ـ أنت وأمثالك ـ وبين هؤلاء الفقراء من الذين يدفعهم الفقر إلى السؤال أو يضعهم في مواقعه ، تفاعلا عميقا من