وقيل : إنها النجوم تنزع في مداراتها ، وتتحرك وتنشط متنقلة من منزل إلى منزل ، وتسبح سبحا في فضاء الله ، وهي معلّقة به ، وتسبق سبقا في جريانها ودورانها ، وتدبر من النتائج والظواهر ما وكّله الله إليها مما يؤثّر في حياة الأرض ومن عليها.
وقيل : النازعات ، والناشطات ، والسابحات ، والسابقات ، هي النجوم ، والمدبّرات هي الملائكة.
* * *
رأي صاحب الميزان
ويختار صاحب الميزان الرأي الأول ، وذلك لعدة أمور :
منها : أنّ «الآيات شديدة الشبه سياقا بآيات مفتتح سورة الصافات : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) [الصافات : ١ ـ ٣] وآيات مفتتح سورة المرسلات (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً* فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً* وَالنَّاشِراتِ نَشْراً* فَالْفارِقاتِ فَرْقاً* فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) [المرسلات ١ ـ ٥] وهي تصف الملائكة في امتثالهم لأمر الله ، غير أنها تصف ملائكة الوحي ، والآيات في مفتتح هذه السورة تصف مطلق الملائكة في تدبيرهم أمر العالم بإذن الله.
ثم إن أظهر الصفات المذكورة في هذه الآيات الخمس في الانطباق على الملائكة قوله: (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) ... وإذ كان قوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) مفتتحا بفاء التفريع الدالة على تفرّع صفة التدبير على صفة السبق ، وكذا قوله : (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) مقرونا بفاء التفريع الدالة على تفرّع السبق على السبح ، دلّ ذلك على مجانسة المعاني المرادة بالآيات الثلاث (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً* فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً* فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) فمدلولها أنهم يدبرون الأمر بعد ما سبقوا إليه ، ويسبقون