في أجواء السورة
وهذه من السور المكية التي تتنوّع أغراضها ، ولكنها تلتقي حول قاعدة واحدة هي انفتاح القلب الإنساني على الله في سلوكه العملي من حيث تحريك القيم الروحية والمعاني الأخلاقية في حياته ، ليكون ميزان التقييم لديه هو القرب أو البعد من الله سبحانه وتعالى. وفي هذا المجال ، كان الحديث ، في بداية السورة ، عن حادثة ، قد يكون النبي هو المخاطب بها لعلاقتها به ، وقد يكون غيره ، تتصدّى لمسألة الانفتاح على بعض المترفين من كفار قريش ، والانغلاق عن بعض المستضعفين من مؤمني الإسلام. فكان التوجيه الإلهي يؤكد على سلبية هذا الأداء ، بميزان القيمة الرسالية.
ثم انتقلت السورة إلى إثارة مسألة خلق الإنسان والمراحل الرّئيسة التي يمر بها وصولا إلى طور البعث والنشوّر ، وكل ذلك ، في مسعى لجذب انتباه تفكير الإنسان ، وتنشيط وعيه ، لدفعه إلى تصوّر تنوّع المواقع في تهيئة الله للإنسان طعامه ، منذ بداية التفاعل بين الحبّة والماء والتربة ، إلى نهاية النموّ في النتاج الشهيّ للثمر ، وللصورة الحلوة للخضرة الممتدة في الأرض ، والمرتفعة في الفضاء ، المتنوّعة الفواكه والثمار ، ليفكر الإنسان بالنعمة كيف تتحرك لتحفظ له وجوده ، ولتبني له حيويّته.