يحصوا أعمالهم ، ليدافعوا عنها في هذا اليوم ، فهم الآن في غفلة عنها ونسيان لها ، فإن الله قد أحصى عليهم ذلك بكلّ دقّة ، فلم يغادر كتاب الأعمال صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها .. وكان الجزاء مطابقا لهذه الأعمال ، وهو العذاب.
(فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) فهذا هو الطعام الذي تتذوّقونه والشراب الذي تشربونه ، فإذا طلبتم ما يشبع الجوع ، وما يروي الظمأ ، فلن تجدوا إلا ما يزيد من الجوع والعطش من هذا العذاب الأليم.
* * *
موقع المتّقين يوم الحساب
وتلك هي صورة المصير النهائي للطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد في ما أفسدوه من حياتهم الخاصة بالكفر والعناد ، ومن حياة غيرهم بالإضلال. أما الذين آمنوا بربهم وساروا في خط التقوى ، وعملوا على أساس أنهم ملاقون لحسابهم ، وأنهم سيقفون ـ غدا ـ بين يدي ربهم ، فأخلصوا العمل ، فسيلاقون جزاء موافقا لأعمالهم.
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) أي موقعا يلتقون فيه بالخير الكبير من الله الذي يمثل الفوز ، (حَدائِقَ وَأَعْناباً) مما كان يعرفه المخاطبون من الثمار ، (وَكَواعِبَ أَتْراباً) جزاء لهم على ما أخلصوا في عبادتهم ، (وَكَأْساً دِهاقاً) أي ممتلئة بالشراب.
فهذه هي النماذج التي يعيش فيها المتّقون النعم الحسيّة التي يتلذّذون فيها بالفاكهة الشهية ، والمظهر الجميل ، والنساء الناهدات الشابات ، والشراب المنعش. وإذا كانت الآيات قد حدّدت هذه الأمور ، فإنها لم تقصد التحديد ،