ظاهرة الليل والنهار
(وَأَغْطَشَ لَيْلَها) أي أظلمه ، (وَأَخْرَجَ ضُحاها) أي : أبرز نهارها في الضوء الذي يظهر به كل شيء. وإذا كانت هذه الظاهرة الكونية واضحة لدى الناس ، فإن الآية أرادت أن تخرج الناس من جمود الألفة التي تمنع الفكر من الانفتاح على سرّ الإبداع فيها في ما تمثله من قدرة الله ، ليفكروا بها كما لو كانت شيئا جديدا في وعيهم الإيماني ، الذي ينطلق القرآن ليبدع فيه الإحساس المتحرك المتنوع بعظمة الله في كل ظاهرة من ظواهر الكون في طبيعته وحركته.
* * *
الله تعالى يمهّد الأرض لحياة الإنسان
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) ومهّدها وبسط قشرتها بحيث تصبح صالحة لحركة الإنسان فيها دون تعقيد ، وكوّن فيها التربة الخصبة التي تنبت الزرع وتخرج الثمر الشهيّ ، وفجّر فيها الينابيع ، (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) وجعلها بذلك صالحة للحياة ، من خلال طبيعة التوازن بين الحرارة والبرودة ، بالإضافة إلى استقرار سطحها الذي تتدخل مواقع الجبال فيه ، (وَالْجِبالَ أَرْساها) أي أثبتها في الأرض لئلا تهتز وتسقط ، وجعل فيها الكثير من المياه والمعادن ، (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) حيث سخّر ذلك لكم ولأنعامكم في ما يتمثل فيها من شروط الحياة الضرورية ..
ومن خلال ذلك كانت العظمة التي توحي بها دقة التدبير ، وكانت النعمة التي توحي برحمة الله ولطفه وعنايته ، في ما أنعم به على الإنسان من ذلك كله. ولا ريب أن توجيه النظر الى هذه الأمور يغري بالبحث والاستقراء بالمستوى الذي يمكن أن يصل الإنسان ، من خلاله ، إلى الكثير من المعرفة الواسعة بالله سبحانه وتعالى. وقد ذكر بعض المتتبعين أن «المجموعة