ولعلّ هذا العرض الذي قدّمه الشيخ الطبرسي أكثر الحديث شمولا للاعتراضات الدائرة حول نسبة القصة إلى النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في سلوكه مع الأعمى ولذلك نقلناه بطوله.
* * *
مناقشة الروايات
ونحن نريد أوّلا التعليق على الروايات التي لخّصها الشيخ الطبرسي الواردة في نسبة الموضوع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما روي عن عائشة وابن عباس ، لنلاحظ أنها تنقل عن تصورات النبي للانطباعات التي يمكن أن تحصل لدى هؤلاء الصناديد بأن أتباعه هم العميان والعبيد ، وهذا مما لا يمكن أن يكون صحيحا ، لأن هذه المسألة ليست مسألة خفيّة لدى مجتمع الدعوة ، فإن أتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يمثلون الطبقة المستضعفة من المجتمع إلا القليل ممن كانوا في طبقة الأغنياء أو الوجهاء ، فكيف يمكن أن يخاف النبي من هذا الانطباع الذي يفرض نفسه من خلال الواقع؟!
ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الأوعى والأعرف بالقيمة الروحية التي يمثلها الإسلام في تقييم الأشخاص على أساس التقوى التي تجمع الإيمان والعمل ، فلا يجوز أن ينسب إليه احتقاره للمؤمنين في مسألة الانتماء إلى مجتمع الدعوة التابع له ، وهل كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يجتمع بالمؤمنين سرّا ، ليدفع عنه هذا الانطباع ، حتى يكون مجيء الأعمى إلى مجلسه مفاجأة له؟!
ونحن لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها ، بل نريد إثارة المسألة حول إمكان نسبة القصة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عدم إمكانه ، لنتبنّى إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم ، ولعصمته في عمله ، وذلك في ضمن نقاط :
النقطة الأولى : إن دراستنا لعلاقة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الأعمى تدلّ على أن