الأرض وبرودتها ، أو من خلال الزلازل والبراكين التي تزيل الحواجز بين البحار ، فيتدفق بعضها في بعض. ويحتمل أن يكون المراد التهابها وانفجارها ـ كما هو المعنى الآخر للتسجير بإضرام النار ـ وقد أوضح ذلك في كتاب «في ظلال القرآن» ، فقال : «فتفجير عناصرها وانفصال الإيدروجين عن الأوكسيجين فيها ، أو تفجير ذرّاتها على نحو ما يقع في تفجير الذرّة ، وهو أشد هولا ، أو على أيّ نحو آخر ، وحين يقع هذا ، فإن نيرانا هائلة لا يتصوّر. مداها تنطلق من البحار. فإن تفجير قدر محدود من الذرّات في القنبلة الذّرّية أو الإيدروجينية يحدث هذا الهول الذي عرفته الدنيا ، فإذا انفجرت ذرأت البحار على هذا النحو أو نحو آخر ، فإن الإدراك البشري يعجز عن تصوّر هذا الهول ، وتصوّر جهنم الهائلة التي تنطلق من هذه البحار الواسعة» (١).
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي قرن كل واحد منها إلى شكله ، وضم إليه ، والمراد بالنفوس الناس حيث يعبر بالنفس عن الإنسان ، فالمعنى قرن كل إنسان بشكله من أهل النار ، أو شكله من أهل الجنة ، أو قرن الغاوي بمن أغواه من إنسان أو شيطان ، أو زوّج الصالحون بالحور العين ، وقرن الكافرون بالشيطان.
* * *
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ)
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) ، كان الوأد ، وهو دفن البنت وهي حيّة ، يمثل أحد الأوضاع الوحشية في ممارسات الجاهليين العرب بحق الأنثى انطلاقا من التصوّر المتخلف المنحرف عن المرأة الذي نقله القرآن عنهم في قوله تعالى : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ
__________________
(١) في ظلال القرآن ، م : ٨ ، ج : ٣٠ ، ص : ٤٧٨.