الكيمياوية دون مراعاة للفضلات ، وتعيد تكوين الباقي إلى بروتينات جديدة ، تصبح غذاء لمختلف الخلايا. وتختار أداة الهضم الجير والكبريت واليود والحديد وكل المواد الأخرى الضرورية ، وتعنى بعدم ضياع الأجزاء الجوهرية ، وبإمكان إنتاج الهرمونات ، وبأن تكون جميع الحاجات الحيوية للحياة حاضرة في مقادير منتظمة ومستعدة لمواجهة كل ضرورة. وهي تخزن الدهن والموادّ الاحتياطية الأخرى للقاء كل حالة طارئة ، مثل الجوع ، وتفعل ذلك كله ، بالرغم من تفكير الإنسان أو تعليله.
إننا نصب هذه الأنواع التي لا تحصى من المواد في المعمل الكيماوي ، بصرف النظر كليّة تقريبا عما نتناوله ، معتمدين على ما نحسبه عمليّة ذاتية «أوتوماتيكية» لإبقائنا على الحياة. وحين تتحلل هذه الأطعمة وتجهز من جديد ، تقدّم باستمرار إلى كل خلية من بلايين الخلايا ، التي تبلغ من العدد أكثر من عدد الجنس البشري كله على وجه الأرض ، ويجب أن يكون التوريد إلى كل خليّة فردية مستمرا ، وألّا يورد سوى تلك الموادّ التي تحتاج إليها تلك الخلية المعينة لتحويلها إلى عظام وأظفار ولحم وشعر وعينين وأسنان ، كما تتلقاها الخليّة المختصة.
فها هنا ـ إذا ـ معمل كيماوي ينتج من المواد أكثر مما ينتجه أي معمل ابتكره ذكاء الإنسان! وها هنا نظام للتوريد أعظم من أي نظام للنقل أو التوزيع عرفه العالم! ويتم كل شيء فيه بمنتهى النظام» (١).
* * *
معجزة خلق الذاكرة والإدراك العقلي
وتبقى للإنسان بعد ذلك قيمة حركة الإدراك العقلي الذي يجمع كل هذه
__________________
(١) العلم يدعو إلى الإيمان ، نقلا عن : في ظلال القرآن ، م : ٨ ، ج : ٣٠ ، ص : ٤٩٢ ـ ٤٩٣.