ووثقت به ، واطمأنت إليه وإلى قضائه ، والتزمت بطاعته ، وأنابت إليه ، فهي معه ، لا مع الناس ، وعند ما تكون معهم ، فإنها تتحرك بالشعور الإيماني في محبة الله ورضاه ، في ما يريده لها أن تكون علاقتها بهم قريبة إلى رضوانه ، لأنّها ترضى برضى الله وتسخط بسخطه ، فتوالي من والى الله وتعادي من عاداه.
وإذا واجهتها المشاكل والضغوط والآلام والأحزان والتحديات ، فإنها تتلقى ذلك كله بصبر جميل ، وروح رضيّة ، وأمل كبير بالله ، وثقة بما عنده ، فلا تجزع ، ولا تهلع ، ولا تسقط ولا تهتز ، لأن الاطمئنان الروحي الذي يغمر روحها وحياتها ، يتحوّل إلى اطمئنان عمليّ بالنتائج الإيجابية من خلال الموقف القويّ الهادىء الواثق بالله.
وهكذا يمنح الإيمان صاحبه روحية الطمأنينة للحاضر وللمستقبل ، لأنه يثق بالتدبير الإلهي ، والرعاية الربوبية للناس وللحياة ، فكل شيء عنده بمقدار ، وهو الرحمن الرحيم العليم الحكيم الخبير ، فلا يخاف الإنسان من أيّ اهتزاز أو انحراف في النظام الكوني المتقن ، الذي يضمن للإنسان مصلحته على الصعيد العام أو الخاص ، فلا يريد الله بعباده شرّا ، بل قد يوقع بهم المصائب والبلايا ، ليختبرهم وليمنحهم الفرصة لينالوا أعلى الدرجات. وإذا فكر الإنسان بالحياة وبالموت ، فإنه يفكر بأنهما بيد الله ، فهو الذي يحيي ويميت وإليه المرجع ، الذي يجعل الإنسان هناك في أمن وسلام ، إذا كان من المؤمنين الصالحين الذين عاشوا في محبة الله وساروا في طريقه المستقيم. وينطلق هذا النداء ، ليوحي للإنسان بكل معاني التكريم والمحبة ، والقرب والعطف.
(ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) بعد كل هذا العناء الطويل ، والبلاء الكبير ، والآلام الكثيرة ، والصبر الجميل ، والعضّ على الجراح ، والاستعلاء على الأحزان ، والابتعاد عن كل انفعالات الغربة والوحشة في محيط الكفر والضلال ، ليستقبلك الله بعطفه وحنانه ورحمته ورضوانه.