الحسرة على ما ضاع من العمر
(يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) هذه التي أعيش فيها هذا الجوّ الجديد الذي لن يرتفع بالإنسان إلا من خلال ما قدّمه من أعمال الخير التي تمثل رأس ماله في الآخرة ، التي هي الحياة الحقيقية ، لأنها الحياة الخالدة ، بينما لا تمثل الدنيا إلا اللهو واللعب ، كما قال الله تعالى في آية أخرى : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت : ٦٤].
وتلك هي الحسرة التي يشعر بها الإنسان الذي ضيّع كل فرص الخير في الدنيا فتحولت إلى حسرات يوم القيامة.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) والضمير في «عذابه ووثاقه» عائد إلى الله ، فهو الرب العظيم الجبار القاهر فوق عباده ، الذي يعذب العذاب الذي لا يساويه عذاب أيّ شخص في شدته ، ويوثق الوثاق الذي لا يماثله وثاق أحد في قوّته.
وهناك قراءة أخرى «لا يعذّب» بفتح الذال «ولا يوثق» بفتح الثاء ، بالبناء للمفعول وضميرا «عذابه ووثاقه» ـ على هذا ـ للإنسان. ويكون المعنى هو الحديث عن حجم عذاب الإنسان ووثاقه ، وبلوغه الحدّ الذي لا يبلغه حجم أيّ عذاب آخر أو وثاق آخر.
* * *
(النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) التي عاشت الطمأنينة الروحية ، في انفتاحها الفكري الإيماني على آفاق الله في صفات الكمال والجمال ، فتخلقت بأخلاقه ،