(راضِيَةً مَرْضِيَّةً) في هذه العلاقة الروحية بين العبد وربّه التي تحركت في مواقع الرضى ، فهي راضية بما قضى وقدّر ، وبما حكم وشرّع ، لأنها ترى أنها ملك الله ، وله أن يتصرف في ملكه بما يشاء ، ويحكم بما يريد ، وهي مرضيّة عنده سبحانه ، بما آمنت به ، وبما قامت به من فروض الطاعة لديه ، والعمل على الحصول على محبته ، وبذلك عاشت السعادة والطمأنينة في حبها لله ، وحبّ الله لها. وهذا هو ما تستهدفه التربية القرآنية الإسلامية ، في أن يعمل الإنسان على تربية نفسه على الرضى بقضاء الله من موقع الوعي برحمته وعلمه وحكمه ، وعلى السعي للحصول على رضاه في موقع الالتزام بطاعته في أوامره ونواهيه. (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) المؤمنين الصالحين المقرّبين الذين اختارهم الله لنفسه ليكونوا جنده الغالبين ، وحزبه المفلحين ، وأوليائه المطيعين.
(وَادْخُلِي جَنَّتِي) التي أعددتها لكل نفس مطمئنة إلى ربها ، وإلى قدره وقضائه ، وإلى طريقها المستقيم في خط رضاه ، وإلى كل النتائج الطيبة التي تلتقيها هناك في مستقبل الزمن ، حيث تواجه الموقف بالثقة والثبات والاستقامة والسلام الروحي الكبير.
وهكذا تكون الجنة نهاية المطاف للمؤمنين الصالحين المتقين ، حيث يستسلمون للنعيم الهانئ السعيد الذي يعيشون في داخله الراحة من كل ذلك العناء الطويل ، والجهاد الكبير الذي ذهب بكل ذكرياتهم وآلامهم ، ليبقوا مع الله في رضوانه الذي يهيمن على أرواحهم المتعبة لطفا ورحمة وحنانا ، فيزيدها راحة واطمئنانا. وذلك هو الفوز العظيم.
* * *