المال وأوهام الخيال ، فهناك واقع صعب مرير ستواجهون ثقله وصعوبته في الموعد المحدد في يوم الفصل الذي تسبقه الأوضاع الكونية الجديدة التي تقلب الكون رأسا على عقب.
(إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) بحيث تتغير معالمها وتتحطم ، فلا يبقى هناك شاخص على سطحها ، في انقلاب كونيّ شديد يطلّ على أجواء القيامة.
(وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أمّا مجيء الله إلى أجواء القيامة كما يجيء الملك في الوضع المتجسد المحسوس ، فهو أمر غير متصوّر ، لأن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، ولذلك فلا بد من حمله على أمر الله ، أو هيمنته وإشرافه على الوضع كله ، مما يجعل من حضوره الذي يوحي به المجيء حضورا معنويا ، باعتبار أنه أقوى حضور ، فهو في عالم الغيب أعظم من كل موجود في حضوره في عالم الحسّ.
ويقف الملائكة صفا صفا في وقفة استعداد لتلقّي أمر الله في ما يعهده إليهم من المهمّات في يوم القيامة.
(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) فقرّبت إلى الموقف لتقف متأهّبة في استعداد الطاعة إلى الله وفي كل ما يأمرها به.
(يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) حقائق الأشياء ، وتنكشف عنه حجب الغفلة ، ويعلم أن ما قرره الله في كتبه ، وما جاءت به الأنبياء في تعاليمها ، هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) أي من أين له الذكرى ، فوجودها كعدمه في هذا الموقف الذي (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام : ١٥٨] ، لأنه لا يستطيع تدارك ما فاته من الفرص الكثيرة ، ولا مجال الآن للتوبة وللعمل الصالح.
* * *