الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) [البقرة : ١١ ـ ١٢].
* * *
كيف نستوحي النظرية في الواقع؟
وعلى ضوء ذلك كله ، فإننا نستطيع استحياء النظرية الإسلامية في الدائرة الاجتماعية والسياسية ، وهي أن الطغيان في القوى الحاكمة والنافذة في واقع الأمة ، يستلزم الفساد في كل جوانبها ومواقعها ، حتى يفسد المستضعفين الذين ينالهم طغيان الطغاة في عملية التعسف والظلم والقسوة ، من خلال إفساد المجتمع كله. وإذا انتشر الفساد في المجتمع من خلال طغيان الطغاة ، فإن الإرادة الإلهية تتدخل في عملية إنهاء الطغيان أو تخفيفه ، أو إفساح المجال للقضاء على رموزه ، ليتنفس المجتمع فترة من الزمن ، بحيث يمكن للمصلحين أن ينفذوا إلى بعض ثغراته ، ليدخلوا ـ من خلالها ـ إلى الساحات الواسعة التي يمكن لهم أن يغيّروا فيها الكثير أو القليل من قضاياها. وهذا ما نراه في كل فترات التاريخ التي سيطر فيها الطغيان ، فإن السنن الكونية الإلهية في حياة الناس تفرض إيجاد الظروف المتنوعة والتحركات المختلفة لتغيير حالة الثبات التي تحكم واقع الطغيان للعمل على خلخلة قواعده وإسقاط رموزه وهزّ مواقعه ، لتستمر حركة الصراع بين الخير والشر والحق والباطل بشكل متوازن ، ولتبقى للقوى المستضعفة الإمكانات الذاتية للوقوف في مواجهة المستكبرين بالوسائل الطبيعية الممكنة. وربما تتدخل القدرة الإلهية بصورة المعجزة ، كما حدثنا القرآن الكريم عن هذه الفئة الطاغية وهي عاد وثمود وفرعون.
* * *