المعرضون عن الذكرى
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) ربما كان هذا استثناء من الناس الذين يخضعون للتذكير ، وهم الذين يقبلون على سماع الآيات والتفكير بها ، والانفتاح على مضمونها الفكري أو الروحي في مواعظها ونصائحها وتشريعاتها وإنذاراتها وتبشيراتها ، ممن يمكن أن تتحول الذكرى لديهم إلى واقع عملي في وجدانهم الفكري وفي حياتهم العملية ، ولكن المعرضين عن الذكرى ، المصرّين على الكفر ، المعاندين لله ورسوله من موقع الاستكبار ، لا ينتفعون بالذكرى ، لأنهم أغلقوا أسماعهم وقلوبهم عنها ، فقد لا يحتاج النبي والدعاة من بعده إلى الاستمرار في تذكيرهم ، لأنهم لا يريدون الاستفادة من ذلك ، ولن يترك الله الإنسان الذي يعرض عن الذكرى ويكفر بالله.
وقيل : الاستثناء من ضمير «عليهم» في قوله : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) ، والمعنى : لست عليهم بمتسلط إلا على من تولّى منهم عن التذكر وأقام على الكفر ، فسيسلّطك الله عليه ويأمرك بالجهاد فتقاتله وتقتله.
ونلاحظ على ذلك أن سياق آية (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) ليس واردا في هذا المعنى ، كما تقدّم.
وقيل : الاستثناء منقطع ، والمعنى : لست عليهم بمسيطر ، لكن من تولى وكفر منهم يعذبه الله العذاب الأكبر ، وهو محتمل.
* * *
العذاب الأكبر
(فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) وهو عذاب جهنم التي أعدّها الله للكافرين