حول الفكرة التي تقدمها ، والخطر الذي يتهددهم ، في الأجواء التي يحبونها ويرغبونها ويقبلون على الاندماج فيها ، فذلك هو السبيل الأمثل لإخراجهم من الغفلة ، وإدخالهم في أجواء التذكر الذي يتذكر الإنسان ، من خلاله ، مسئولية وجوده في علاقته بالله ، وفي حركة واجباته العملية تجاهه ، وفي النتائج الأخيرة التي يكسبها في نهاية المطاف ، عند ما يقف غدا ، بين يدي الله للحساب.
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) فإنك لا تملك في طريق تكوين قناعاتهم أو إقامة الحجة عليهم ، إلا جهدك وكلمتك ، فإذا بذلتهما فقد قضيت ما عليك ، ولم يسلّطك الله على قلوبهم ، ولم يجعل مشاعرهم خاضعة لقدرتك الذاتية ، ولم يمكّن لك الأمر من تغيير ذهنياتهم بطريقة تكوينيّة قسريّة ..
* * *
هل تنفي الاية نظرية الحكم في الإسلام؟
وربما حاول البعض من الباحثين ، أن يستفيدوا من هذه الآية ، أن دور النبي هو الإبلاغ والدعوة إلى الله بالكلمة الواعية المذكّرة ، ليأخذوا حريتهم في الإيمان والكفر ، ليكون حسابهم على الله ، وليس دوره أن يكون حاكما يتدخل في قناعات الناس ليحاسبهم عليها ، وفي أقوالهم وأفعالهم ليضغط عليهم بوسائله الخاصة والعامة ، لينسجموا فيها مع تخطيطه الرسالي في ما يأخذ به الناس من الخط في حركة القول والفعل ، أو في ما يدعونه منه. وبالتالي ، فإن دور الإسلام من خلال دور الرسول هو دور دعوة ، لا دور حكومة وسلطة ، فليس للإسلام نظرية في الحكم الذي يتولى السلطة التنفيذية إلى جانب السلطة التشريعية.