كنوز الأرض
(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) هذه الأرض المسطحة ، في النظرة الساذجة والأولية ، بما يفيده التسطيح من معنى تيسير الحركة عليها ، وتيسير سبل الحياة فيها ، لجهة ما تختزنه من ينابيع ومعادن وكنوز وأسرار ، وما يبدو في ظاهرها من أنهار وجبال وبحيرات وجنائن ومخلوقات وثروات وأوضاع متحركة خاضعة للنظام الكوني العام في وجود الإنسان والحيوان والنبات والجماد ، لا بما هو شكله الذي هو كرويّ في واقع الأمر ، لأن القرآن ، ليس في مقام إثبات حقيقة علمية فلكية بعيدة عن أنظار المخاطبين وأفكارهم في تلك الفترة ، بقدر ما هو في مقام لفت انتباههم إلى ما هو في متناول أنظارهم وتأملاتهم وتفكراتهم. ولذا ، جاء التساؤل : فهل ينظرون إلى الأرض كيف سطحت ، وما هي أعماقها؟ ويتساءلون معها : هل هي كون ثابت على قاعدة ثابتة لا يعرف مداها ولا طبيعتها؟ أو هي كوكب معلّق في الفضاء تماما كما هي الكواكب المعلّقة في الفضاء السابحة في بحاره؟ وكيف كان ذلك ، فهل خلقت صدفة ، أو أوجدها الناس ، أو أن الله هو الذي أوجدها وأبدعها وأودع فيها كل عناصر الحياة ، مما يحتاج الناس إليه في امتداد وجودهم ، مما هو من شروط الحياة ، كما يحتاج إليه الحيوان والنبات؟ إنّ ذلك من تقدير العزيز الحكيم.
* * *
الإيمان نظرة فكر لا حالة انفعال
وهكذا تنطلق الدعوة إلى النظر للإيحاء بأن الإيمان ليس حالة انفعال ساذج في الخيالات والأوهام العاطفية ، ليتحدث البعض بأنه لا يتناسب مع حركة العقل في الفكر ، ومع حركة العلم في إبداع المعرفة في أسرار الواقع ،