أجهزة الجسم في ما تحتاجه من الغذاء ، بل يدفع إلى الشعور بالجوع كلما أكله الآكلون.
إنها الصورة القاسية الشديدة للحياة التي يحياها هؤلاء في النار ، مما لا ندرك واقعه ، ولكننا نستوحي صعوبته وقساوته وشدّة تأثيره على الإنسان هناك.
* * *
راحة الأتقياء وسعادتهم يوم القيامة
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) رضية نضرة في ما توحي به النعومة من البهجة والراحة والسعادة ، فليس هناك همّ يثقل ملامحها بالأذى ، وليس هناك خوف ينال انبساطها وإشراقها بالإرهاق ، وهي وجوه المؤمنين الأتقياء السعداء.
(لِسَعْيِها راضِيَةٌ) حيث يفيض الرضى منها لأنها تجد ما عملته من خير وتقوى في الدنيا ، في ما تحصل عليه الآن ـ من رضى الله ـ فترضى به وتطمئن له ، وتحس بالراحة النفسية التي تنعكس على ملامحها روحا وسرورا ، فها هم يتطلعون إلى النتائج الطيبة لأعمالهم ليرتاحوا بعد الجهد الكبير الذي عانوا منه في الدنيا ، وبعد الآلام الكثيرة التي عاشوها وصبروا عليها هناك.
(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) في ما يدل عليه العلوّ من ارتفاع الدرجة وعلوّ المقام الذي يطرد عنهم كل ذكريات الواقع الطبقي الذي كان ينظر إليهم نظرة الاستعلاء ، ويعاملهم من مواقع الاستكبار ليضعهم في الدرجة السفلى من السلم الاجتماعي للطبقات ، فكان المستكبرون في الدرجة العليا ، وكان المستضعفون المؤمنون البائسون في الدرجة المنحطّة على مستوى الحقوق التي لا يملكون منها إلا القليل ، وعلى مستوى المسؤوليات التي تثقل حياتهم