يعود إلى وعيه لينفتح فيه على ربه ، وعلى يوم الحساب بين يديه ، ليدفع بموقفه إلى خط التراجع عن الخطأ ، ليلتزم خط الصواب.
* * *
جزاء الأشقى
(وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) الذي يمثل الذروة في الشقاء ، لأن الكفر قد أطبق على عقله ، وجمد كل إشراقة روحه ، فعاش في ظلمة الفكر ووحول الجهل ، واستسلم للشهوات المنحطّة ، وفقد كل إحساسه بالمعاني الطاهرة في حياته ، وتنكّر لكل القيم الروحية في شخصيته ، فانطلق في حالة العناد رافضا لمنطق الرسالة ، ولحركة الإيمان بالله ، فواجه مصيره المظلم.
(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) وهي نار جهنم التي تمثل الخطورة الكبرى في شدّة لهيبها ، وحرارة سعيرها ، وسوء طعامها وشرابها (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) فلا يعيش راحة الموت التي يتجمّد فيها الإحساس بالحياة في كل آلامها وأحزانها ، ولا يعيش أمن الحياة ولذتها ، ولذا فإنه يتطلّع إلى الموت كما لو كان أمنية من أعذب أمانيه كما جاء في قوله تعالى عن أهل النار في حوارهم مع مالك خازن النار : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧]. وهكذا يكون جزاء الذين يرفضون الذكرى ، لأنهم يريدون الاستمرار في اتجاه الجحود.
* * *
جزاء من تزكّى
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) وتطهّر من كل أرجاس الكفر والضلال ، فعاش الطهر والصفاء والنقاء والانفتاح على الله ، (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) في ما تمثله الصلاة من معنى القرب من الله في الطاعة لأوامره ونواهيه ، والتجسيد العملي للعبودية ، حتى لا يشغله عن الله مال أو شهوة أو طمع في أيّ شيء من حطام