الحياة الدنيا إذا كان منافيا لرضاه سبحانه وتعالى. وهذا هو خط الفلاح الذي يلتقي بالمصير الأخروي السعيد في رضوان الله ، وفي نعيم جنته الذي أعدّه الله للذين يعيشون الحضور القلبي ، الموصول به تعالى ، الذي يتحوّل إلى ذكر في القلب ، وعلى اللسان ، وفي العمل ، حيث يعيش الإنسان المؤمن صلاة الفكر والروح والجسد.
* * *
الآخرة خير من الدنيا وأبقى
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) فترفضون التزكية والتطهر والخروج من عبادة المادة إلى عبادة الله تعالى ، وتستسلمون للحياة الدنيا في لذاتها وشهواتها وقيمها المادية القائمة على أنانية الذات ، وثورة الغريزة ، وجشع الطمع ، والاستعلاء على الناس ، والبغي عليهم بغير حقّ ، والإخلاد إلى الأرض في كل إيحاءاتها التي تدفع الإنسان إلى الأسفل ، وتمنعه من التطلّع إلى الأعلى في رحاب الله تعالى.
(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) لأنها تمنح الإنسان السعادة الدائمة التي لا شقاء فيها ولا موت في طبيعتها ، فهي الخير كله ، والخلود كله. فكيف تفضلون الشقاء على السعادة ، والفناء على البقاء؟
* * *
وحدة الرسالات
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) فقد أكدت على المفاهيم الرسالية التي لا يستنفدها الزمن ، لأنها تمثل الحقائق الخالدة في امتداد الحياة ، ولهذا ، جاء بها القرآن في ما أنزله الله على نبيه منها ، في ما أراد الإيحاء به من وحدة الرسالات في وحدة الرسل ، مما يعني أن الحقائق التي تشترك بها الرسالات في دعوة الأنبياء ، هي الأساس في تأكيد الشخصية الإنسانية الواحدة ، التي تمثل وحدة الإنسانية في حركة الرسالات على امتداد الزمن.
* * *