هناك شيئا يسمّى صغارا ، بل إنها لا تدري أنها عاشت وعملت لحفظ نوعها!
وفي بعض أنواع النمل ، يأتي العملة منه بحبوب صغيرة لإطعام غيرها من النمل في خلال فصل الشتاء ، وينشئ النمل ما هو معروف «بمخزن الطحن» ، وفيه يقوم النمل الذي أوتي أفكاكا كبيرة معدّة للطحن ، بإعداد الطعام للمستعمرة ، وهذا هو شاغلها الوحيد. وحين يأتي الخريف ، وتكون الحبوب كلها قد طحنت ، فإنّ «أعظم خير لأكبر عدد» ، يتطلب حفظ تلك المؤونة من الطعام. وما دام الجيل الجديد سينتظم كثيرا من النمل الطحّان ، فإن جنود النمل تقتل النمل الطاحن الموجود. ولعلها ترضي ضميرها الحشري بأن ذلك النمل قد نال جزاءه الكافي ، إذ كانت له الفرصة الأولى في الإفادة من الغذاء أثناء طحنه!
وهناك أنواع من النمل تدفعها الغريزة أو التفكير ـ واختر منهما ما يحلو لك ـ إلى زرع أعشاش للطعام في ما يمكن تسميته «بحدائق الأعشاش» وتصيد أنواعا معيّنة من الدود والأرق أو اليرق ، ـ وهي حشرات صغيرة تسبب آفة الندوة العسلية ـ وهذه المخلوقات هي بقر النمل وعنزاتها! ومنها يأخذ النمل إفرازات معينة تشبه العسل ليكون طعاما له.
والنمل يأسر طوائف منه ويسترقّها. وبعض النمل حين يضع أعشاشه ، يقطع الأوراق مطابقة للحجم المطلوب. وبينما يضع بعض عملة النمل الأطارف في مكانها ، تستخدم صغارها ـ التي وهي في الدور اليرقي تقدر أن تغزل الحرير ـ لحياكتها معا! وربما حرم طفل النمل عمل شرنقة لنفسه ، ولكنه قد خدم الجماعة!
فكيف يتاح لذرّات المادة التي تتكون منها النملة أن تقوم بهذه العمليات المعقدة؟ لا شك أن هناك خالقا أرشدها إلى كل ذلك» (١).
__________________
(١) (م. س) ، م : ٨ ، ج : ٣٠ ، ص : ٥٤٨ ـ ٥٤٩.