ولكني أعينك بمالي فاتركني. (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) أي إن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف أو ظهور النفاق لا ما احترزوا عنه. (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) جامعا لهم يوم القيامة ، أو الآن لأن إحاطة أسبابها بهم كوجودها.
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ(٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(٥١)
(إِنْ تُصِبْكَ) في بعض غزواتك. (حَسَنَةٌ) ظفر وغنيمة. (تَسُؤْهُمْ) لفرط حسدهم. (وَإِنْ تُصِبْكَ) في بعضها. (مُصِيبَةٌ) كسر أو شدة كما أصاب يوم أحد. (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) تبجحوا بانصرافهم واستحمدوا رأيهم في التخلف. (وَيَتَوَلَّوْا) عن متحدثهم بذلك ومجتمعهم له ، أو عن الرسول صلىاللهعليهوسلم. (وَهُمْ فَرِحُونَ) مسرورون.
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) إلا ما اختصنا بإثباته وإيجابه من النصرة ، أو الشهادة أو ما كتب لأجلنا في اللوح المحفوظ لا يتغير بموافقتكم ولا بمخالفتكم. وقرئ «هل يصيبنا» و «هل يصيبنا» وهو من فيعل لا من فعل لأنه من بنات الواو لقولهم صاب السهم يصوب واشتقاقه من الصواب لأنه وقوع الشيء فيما قصد به. وقيل من الصوب. (هُوَ مَوْلانا) ناصرنا ومتولي أمورنا. (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) لأن حقهم أن لا يتوكلوا على غيره.
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ)(٥٣)
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا) تنتظرون بنا. (إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) إلا إحدى العاقبتين اللتين كل منهما حسنى العواقب : النصرة والشهادة. (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ) أيضا إحدى السوأيين (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) بقارعة من السماء. (أَوْ بِأَيْدِينا) أو بعذاب بأيدينا وهو القتل على الكفر. (فَتَرَبَّصُوا) ما هو عاقبتنا (إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) ما هو عاقبتكم.
(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) أمر في معنى الخبر ، أي لن يتقبل منكم نفقاتكم أنفقتم طوعا أو كرها. وفائدته المبالغة في تساوي الإنفاقين في عدم القبول كأنهم أمروا بأن يمتحنوا فينفقوا وينظروا هل يتقبل منهم. وهو جواب قول جد بن قيس وأعينك بمالي. ونفي التقبل يحتمل أمرين أن لا يؤخذ منهم وأن لا يثابوا عليه وقوله : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) تعليل له على سبيل الاستئناف وما بعده بيان وتقرير له.
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)(٥٥)
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم. وقرأ حمزة والكسائي «أن يقبل» بالياء لأن تأنيث النفقات غير حقيقي. وقرئ «يقبل» على أن الفعل لله. (وَلا