لضلالهم. (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) يدل على أن الكافر المخطئ والمعاند سواء في استحقاق الذم ، وللفارق أن يحمله على المقصر في النظر.
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١)
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) ثيابكم لمواراة عورتكم. (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) لطواف أو صلاة ، ومن السنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئة للصلاة ، وفيه دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة. (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) ما طاب لكم. روي : أن بني عامر في أيام حجهم كانوا لا يأكلون الطعام إلا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم فهم المسلمون به ، فنزلت. (وَلا تُسْرِفُوا) بتحريم الحلال ، أو بالتعدي إلى الحرام ، أو بإفراط الطعام والشره عليه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كل ما شئت ، والبس ما شئت ، ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة. وقال علي بن الحسين بن واقد : قد جمع الله الطب في نصف آية فقال : (كلوا واشربوا ولا تسرفوا). (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أي لا يرتضي فعلهم.
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٣٢)
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) من الثياب وسائر ما يتجمل به. (الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) من النبات كالقطن والكتان ، والحيوان كالحرير والصوف ، والمعادن كالدروع. (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) المستلذات من المآكل والمشارب. وفيه دليل على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواع التجملات الإباحة ، لأن الاستفهام في من للإنكار. (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بالأصالة والكفرة وإن شاركوهم فيها فتبع. (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) لا يشاركهم فيها غيرهم ، وانتصابها على الحال. وقرأ نافع بالرفع على أنها خبر بعد خبر. (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي كتفصيلنا هذا الحكم نفصل سائر الأحكام لهم.
(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(٣٤)
(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) ما تزايد قبحه ، وقيل ما يتعلق بالفروج. (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) جهرها وسرها. (وَالْإِثْمَ) وما يوجب الإثم تعميم بعد تخصيص ، وقيل شرب الخمر. (وَالْبَغْيَ) الظلم ، أو الكبر أفرده بالذكر للمبالغة. (بِغَيْرِ الْحَقِ) متعلق بالبغي مؤكد له معنى. (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) تهكم بالمشركين ، وتنبيه على تحريم اتباع ما لم يدل عليه برهان. (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بالإلحاد في صفاته سبحانه وتعالى ، والافتراء عليه كقولهم (اللهُ أَمَرَنا بِها).
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) مدة ، أو وقت لنزول العذاب بهم وهو وعيد لأهل مكة. (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) انقرضت مدتهم ، أو حان وقتهم. (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أي لا يتأخرون ولا يتقدمون أقصر وقت ، أو لا يطلبون التأخر والتقدم لشدة الهول.
(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣٦)