أربابا فيكون كالدليل على بطلان الاتخاذ. (إِلَّا لِيَعْبُدُوا) ليطيعوا. (إِلهاً واحِداً) وهو الله تعالى وأما طاعة الرسول وسائر من أمر الله بطاعته فهو في الحقيقة طاعة الله. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) صفة ثانية أو استئناف مقرر للتوحيد. (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تنزيه له عن أن يكون له شريك.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) يخمدوا. (نُورَ اللهِ) حجته الدالة على وحدانيته وتقدسه عن الولد ، أو القرآن أو نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم. (بِأَفْواهِهِمْ) بشركهم أو بتكذيبهم. (وَيَأْبَى اللهُ) أي لا يرضى. (إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) بإعلاء التوحيد وإعزاز الإسلام. وقيل إنه تمثيل لحالهم في طلبهم إبطال نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم بالتكذيب بحال من يطلب إطفاء نور عظيم منبث في الآفاق يريد الله أن يزيده بنفخه ، وإنما صح الاستثناء المفرغ والفعل موجب لأنه في معنى النفي. (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) محذوف الجواب لدلالة ما قبله عليه.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٣٣)
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) كالبيان لقوله : (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) ولذلك كرر (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) غير أنه وضع المشركون موضع الكافرون للدلالة على أنهم ضموا الكفر بالرسول إلى الشرك بالله ، والضمير في (لِيُظْهِرَهُ) للدين الحق ، أو للرسول عليه الصلاة والسلام واللام في (الدِّينِ) للجنس أي على سائر الأديان فينسخها ، أو على أهلها فيخذلهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٣٤)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) يأخذونها بالرشا في الأحكام سمي أخذ المال أكلا لأنه الغرض الأعظم منه. (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه. (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) يجوز أن يراد به الكثير من الأحبار والرهبان فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال والضن به وأن يراد المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه ويكون اقترانه بالمرتشين من أهل الكتاب للتغليظ ، ويدل عليه أنه لما نزل كبر على المسلمين فذكر عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم» ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «ما أدي زكاته فليس بكنز» أي بكنز أوعد عليه ، فإن الوعيد على الكنز مع عدم الإنفاق فيما أمر الله أن ينفق فيه ، وأما قوله صلىاللهعليهوسلم : «من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها» ونحوه فالمراد منها ما لم يؤد حقها لقوله عليه الصلاة والسلام فيما أورده الشيخان مرويا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره» (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) هو الكي بهما.
(يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)(٣٥)
(يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) أي يوم توقد النار ذات حمى شديد عليها ، وأصله تحمى بالنار فجعل الإحماء للنار مبالغة ثم حذفت النار وأسند الفعل إلى الجار والمجرور تنبيها على المقصود فانتقل من صيغة