بدر أو يوم القيامة. (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) منجأ ولا ملجأ ، يقال وأل إذا نجا ووأل إليه إذا لجأ إليه.
(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (٥٩)
(وَتِلْكَ الْقُرى) يعني قرى عاد وثمود وأضرابهم ، (وَتِلْكَ) مبتدأ خبره. (أَهْلَكْناهُمْ) أو مفعول مضمر مفسر به ، و (الْقُرى) صفته ولا بد من تقدير مضاف في أحدهما ليكون مرجع الضمائر. (لَمَّا ظَلَمُوا) كقريش بالتكذيب والمراء وأنواع المعاصي. (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) لإهلاكهم وقتا لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ، فليعتبروا بهم ولا يغتروا بتأخير العذاب عنهم ، وقرأ أبو بكر (لِمَهْلِكِهِمْ) بفتح الميم واللام أي لهلاكهم ، وحفص بكسر اللام حملا على ما شذ من مصادر يفعل كالمرجع والمحيض.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً)(٦٠)
(وَإِذْ قالَ مُوسى) مقدر باذكر. (لِفَتاهُ) يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم الصلاة والسلام فإنه كان يخدمه ويتبعه ولذلك سماه فتاه وقيل لعبده. (لا أَبْرَحُ) أي لا أزال أسير فحذف الخبر لدلالة حاله وهو السفر وقوله : (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) من حيث إنها تستدعي ذا غاية عليه ، ويجوز أن يكون أصله لا يبرح مسيري حتى أبلغ على أن حتى أبلغ هو الخبر ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، فانقلب الضمير والفعل وأن يكون (لا أَبْرَحُ) هو بمعنى لا أزول عما أنا عليه من السير والطلب ولا أفارقه فلا يستدعي الخبر ، و (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) ملتقى بحري فارس والروم مما يلي المشرق وعد لقاء الخضر فيه. وقيل البحران موسى وخضر عليهما الصلاة والسلام فإن موسى كان بحر علم الظاهر والخضر كان بحر علم الباطن. وقرئ «مجمع» بكسر الميم على الشذوذ من يفعل كالمشرق والمطلع (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) أو أسير زمانا طويلا ، والمعنى حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضي الحقب أو حتى أبلغ إلا أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات المجمع ، والحقب الدهر وقيل ثمانون سنة وقيل سبعون. روي : أن موسى عليه الصلاة والسلام خطب الناس بعد هلاك القبط ودخوله مصر خطبة بليغة فأعجب بها فقيل له : هل تعلم أحدا أعلم منك فقال : لا ، فأوحى الله إليه بل أعلم منك عبدنا الخضر وهو بمجمع البحرين ، وكان الخضر في أيام أفريدون وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى. وقيل إن موسى عليهالسلام سأل ربه أي عبادك أحب إليك قال الذي يذكرني ولا ينساني ، قال فأي عبادك أقضى ، قال الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ، قال فأي عبادك أعلم قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى ، فقال إن كان في عبادك أعلم مني فادللني عليه ، قال أعلم منك الخضر قال : أين أطلبه ، قال على الساحل عند الصخرة ، قال كيف لي به قال تأخذ حوتا في مكتل فحيث فقدته فهو هناك ، فقال لفتاه إذا فقدت الحوت فأخبرني فذهبا يمشيان.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً)(٦٢)
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) أي مجمع البحرين و (بَيْنِهِما) ظرف أضيف إليه على الاتساع أو بمعنى الوصل. (نَسِيا حُوتَهُما) نسي موسى عليه الصلاة والسلام أن يطلبه ويتعرف حاله ، ويوشع أن يذكر له ما رأى من حياته ووقوعه في البحر. روي : أن موسى عليهالسلام رقد فاضطرب الحوت المشوي ووثب في البحر معجزة لموسى أو الخضر. وقيل توضأ يوشع من عين الحياة فانتضح الماء عليه فعاش ووثب في الماء. وقيل نسيا تفقد أمره وما يكون منه أمارة على الظفر بالمطلوب (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) فاتخذ الحوت