قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

264/299
*

(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) نصب على المصدر أي سن الله ذلك سنة ، وهو أن يهلك كل أمة أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم ، فالسنة لله وإضافتها إلى الرسل لأنها من أجلهم ويدل عليه. (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) أي تغييرا.

(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٧٨)

(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) لزوالها ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام «أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر». وقيل لغروبها وأصل التركيب للانتقال ومنه الدالك فإن الدالك لا تستقر يده ، وكذا كل ما تركب من الدال واللام : كدلج ودلح ودلع ودلف ودله. وقيل الدلوك من الدلك لأن الناظر إليها يدلك عينيه ليدفع شعاعها ، واللام للتأقيت مثلها في : لثلاث خلون (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) إلى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الأخيرة. (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) وصلاة الصبح ، سميت قرآنا لأنه ركنها كما سميت ركوعا وسجودا ، واستدل به على وجوب القراءة فيها ولا دليل فيه لجواز أن يكون التجوز لكونها مندوبة فيها ، نعم لو فسر بالقراءة في صلاة الفجر دل الأمر بإقامتها على الوجوب فيها نصا وفي غيرها قياسا. (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، أو شواهد القدرة من تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه أو كثير من المصلين أو من حقه أن يشهده الجم الغفير ، والآية جامعة للصلوات الخمس إن فسر الدلوك بالزوال ولصلوات الليل وحدها إن فسر بالغروب. وقيل المراد بالصلاة صلاة المغرب وقوله (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) بيان لمبدأ الوقت ومنتهاه ، واستدل به على أن الوقت يمتد إلى غروب الشفق.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٧٩)

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) وبعض الليل فاترك الهجود للصلاة والضمير لل (قُرْآنَ). (نافِلَةً لَكَ) فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة ، أو فضيلة لك لاختصاص وجوبه بك. (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) مقاما يحمده القائم فيه وكل من عرفه ، وهو مطلق في كل مقام يتضمن كرامة والمشهور أنه مقام الشفاعة. لما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : «هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي» ولإشعاره بأن الناس يحمدونه لقيامه فيه وما ذاك إلا مقام الشفاعة ، وانتصابه على الظرف بإضمار فعله أي فيقيمك مقاما أو بتضمين (يَبْعَثَكَ) معناه ، أو الحال بمعنى أن يبعثك ذا مقام.

(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٨١)

(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي) أي في القبر. (مُدْخَلَ صِدْقٍ) إدخالا مرضيا. (وَأَخْرِجْنِي) أي منه عند البعث. (مُخْرَجَ صِدْقٍ) إخراجا ملقى بالكرامة. وقيل المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة. وقيل إدخاله مكة ظاهرا عليها وإخراجه منها آمنا من المشركين. وقيل إدخاله الغار وإخراجه منه سالما. وقيل إدخاله فيما حمله من أعباء الرسالة وإخراجه منه مؤديا حقه. وقيل إدخاله في كل ما يلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه. وقرئ «مدخل» و «مخرج» بالفتح على معنى أدخلني فأدخل دخولا وأخرجني فأخرج خروجا. (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) حجة تنصرني على من خالفني أو ملكا ينصر الإسلام على الكفر ، فاستجاب له بقوله : (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ، (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ). (وَقُلْ جاءَ الْحَقُ) الإسلام (وَزَهَقَ الْباطِلُ) وذهب وهلك الشرك من زهق روحه إذا خرج. (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)