(١١) سورة هود
مكية وهي مائة وثلاث وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(١)
(الر كِتابٌ) مبتدأ وخبر أو (كِتابٌ) خبر مبتدأ محذوف. (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) نظمت نظما محكما لا يعتريه إخلال من جهة اللفظ والمعنى ، أو منعت من الفساد والنسخ فإن المراد آيات السورة وليس فيها منسوخ ، أو أحكمت بالحجج والدلائل أو جعلت حكيمة منقول من حكم بالضم إذا صار حكيما لأنها مشتملة على أمهات الحكم النظرية والعملية. (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بالفوائد من العقائد والأحكام والمواعظ والأخبار ، أو بجعلها سورا أو بالإنزال نجما نجما ، أو فصل فيها ولخص ما يحتاج إليه. وقرئ «ثمّ فصّلت» أي فرقت بين الحق والباطل وأحكمت آياته (ثُمَّ فُصِّلَتْ) على البناء للمتكلم ، و (ثُمَ) للتفاوت في الحكم أو للتراخي في الأخبار. (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) صفة أخرى ل (كِتابٌ) ، أو خبر بعد خبر أو صلة ل (أُحْكِمَتْ) أو (فُصِّلَتْ) ، وهو تقرير لأحكامها وتفصيلها على أكمل ما ينبغي باعتبار ما ظهر أمره وما خفي.
(أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ)(٣)
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) لأن لا تعبدوا. وقيل أن مفسرة لأن في تفصيل الآيات معنى القول ، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ للإغراء على التوحيد أو الأمر بالتبري من عبادة الغير كأنه قيل : ترك عبادة غير الله بمعنى ألزموه أو اتركوها تركا. (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ) من الله. (نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) بالعقاب على الشرك والثواب على التوحيد. (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) عطف على ألا تعبدوا. (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ثم توسلوا إلى مطلوبكم بالتوبة فإن المعرض عن طريق الحق لا بد له من الرجوع. وقيل استغفروا من الشرك ثم توبوا إلى الله بالطاعة ، ويجوز أن يكون ثم لتفاوت ما بين الأمرين. (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) يعيشكم في أمن ودعة. (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو آخر أعماركم المقدرة ، أو لا يهلككم بعذاب الاستئصال والأرزاق والآجال ، وإن كانت متعلقة بالأعمار لكنها مسماة بالإضافة إلى كل أحد فلا تتغير. (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) ويعط كل ذي فضل في دينه جزاء فضله في الدنيا والآخرة ، وهو وعد للموحد التائب بخير الدارين. (وَإِنْ تَوَلَّوْا) وإن تتولوا. (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) يوم القيامة ، وقيل يوم الشدائد وقد ابتلوا بالقحط حتى أكلوا الجيف. وقرئ (وَإِنْ تَوَلَّوْا) من ولي.
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٥)
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) رجوعكم في ذلك اليوم وهو شاذ عن القياس. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر