تأكيدا للمفعول الأول ، وقرئ «أقل» بالرفع على أنه خبر (أَنَا) والجملة مفعول ثاني ل (تَرَنِ) ، وفي قوله (وَوَلَداً) دليل لمن فسر النفر بالأولاد.
(فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً)(٤١)
(فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) في الدنيا أو في الآخرة لإيماني وهو جواب الشرط. (وَيُرْسِلَ عَلَيْها) على جنتك لكفرك. (حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) مرامي جمع حسبانة وهي الصواعق. وقيل هو مصدر بمعنى الحساب والمراد به التقدير بتخريبها أو عذاب حساب الأعمال السيئة. (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) أرضا ملساء يزلق عليها باستئصال نباتها وأشجارها.
(أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) أي غائرا في الأرض مصدر وصف به كالزلق. (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) للماء الغائر ترددا في رده.
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً)(٤٣)
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) وأهلك أمواله حسبما توقعه صاحبه وأنذره منه ، وهو مأخوذ من أحاط به العدو فإنه إذا أحاط به غلبه وإذا غلبه أهلكه ، ونظيره أتى عليه إذا أهلكه من أتى عليهم العدو إذا جاءهم مستعليا عليهم. (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) ظهرا لبطن تلهفا وتحسرا. (عَلى ما أَنْفَقَ فِيها) في عمارتها وهو متعلق ب (يُقَلِّبُ) لأن تقليب الكفين كناية عن الندم فكأنه قيل : فأصبح يندم ، أو حال أي متحسرا على ما أنفق فيها. (وَهِيَ خاوِيَةٌ) ساقطة. (عَلى عُرُوشِها) بأن سقطت عروشها على الأرض وسقطت الكروم فوقها عليها. (وَيَقُولُ) عطف على (يُقَلِّبُ) أو حال من ضميره. (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) كأنه تذكر موعظة أخيه وعلم أنه أتى من قبل شركه فتمنى لو لم يكن مشركا فلم يهلك الله بستانه ، ويحتمل أن يكون توبة من الشرك وندما على ما سبق منه.
(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ) وقرأ حمزة والكسائي بالياء لتقدمه. (يَنْصُرُونَهُ) يقدرون على نصره بدفع الإهلاك أو رد المهلك أو الإتيان بمثله. (مِنْ دُونِ اللهِ) فإنه القادر على ذلك وحده. (وَما كانَ مُنْتَصِراً) وما كان ممتنعا بقوته عن انتقام الله منه.
(هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً)(٤٤)
(هُنالِكَ) في ذلك المقام وتلك الحال. (الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) النصرة له وحده لا يقدر عليها غيره تقديرا لقوله (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) أو ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة كما نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن ويعضده قوله : (هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) أي لأوليائه. وقرأ حمزة والكسائي بالكسر ومعناها السلطان والملك أي هنالك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه ، أو لا يعبد غيره كقوله تعالى (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فيكون تنبيها على أن قوله (يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ) كان عن اضطرار وجزع مما دهاه. وقيل (هُنالِكَ) إشارة إلى الآخرة وقرأ أبو عمرو والكسائي الحق بالرفع صفة للولاية ، وقرئ بالنصب على المصدر المؤكد ، وقرأ عاصم وحمزة (عُقْباً) بالسكون ، وقرئ «عقبى» وكلها بمعنى العاقبة.
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ