تَظْلِمْ مِنْهُ) ولم تنقص من أكلها. (شَيْئاً) يعهد في سائر البساتين فإن الثمار تتم في عام وتنقص في عام غالبا. (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) ليدوم شربهما فإنه الأصل ويزيد بهاؤهما ، وعن يعقوب (وَفَجَّرْنا) بالتخفيف.
(وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) أنواع من المال سوى الجنتين من ثمر ماله إذا كثره. وقرأ عاصم بفتح الثاء والميم ، وأبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم والباقون بضمهما وكذلك في قوله (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) يراجعه في الكلام من حار إذا رجع. (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) حشما وأعوانا. وقيل أولادا ذكورا لأنهم الذين ينفرون معه.
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً)(٣٦)
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) بصاحبه يطوف به فيها ويفاخره بها ، وإفراد الجنة لأن المراد ما هو جنته وما متع به من الدنيا تنبيها على أن لا جنة له غيرها ولا حظ له في الجنة التي وعد المتقون ، أو لاتصال كل واحدة من جنتيه بالأخرى ، أو لأن الدخول يكون في واحدة واحدة. (وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) ضار لها بعجبه وكفره (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ) أن تفنى. (هذِهِ) الجنة. (أَبَداً) لطول أمله وتمادي غفلته واغتراره بمهلته.
(وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) كائنة. (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) بالبعث كما زعمت. (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها) من جنته ، وقرأ الحجازيان والشامي «منهما» أي من الجنتين. (مُنْقَلَباً) مرجعا وعاقبة لأنها فانية وتلك باقية ، وإنما أقسم على ذلك لاعتقاده أنه تعالى إنما أولاه ما أولاه لاستئهاله واستحقاقه إياه لذاته وهو معه أينما تلقاه.
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً)(٣٨)
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) لأنه أصل مادتك أو مادة أصلك. (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) فإنها مادتك القريبة. (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) ثم عدلك وكملك إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال. جعل كفره بالبعث كفرا بالله تعالى لأن منشأه الشك في كمال قدرة الله تعالى ، ولذلك رتب الإنكار على خلقه إياه من التراب فإن من قدر على بدء خلقه منه قدر أن يعيده منه.
(لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) أصله لكن أنا فحذفت الهمزة بنقل الحركة أو دونه فتلاقت النونان فكان الإدغام ، وقرأ ابن عامر ويعقوب في رواية بالألف في الوصل لتعويضها من الهمزة أو لإجراء الوصل مجرى الوقف ، وقد قرئ «لكنا أنا» على الأصل وهو ضمير الشأن وهو بالجملة الواقعة خبرا له خبر «أنا» أو ضمير (اللهُ) و (اللهُ) بدله وربي خبره والجملة خبر «أنا» والاستدراك من أكفرت كأنه قال : أنت كافر بالله لكني مؤمن به ، وقد قرئ «لكن هو الله ربي ولكن أنا لا إله إلا هو ربي».
(وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً)(٣٩)
(وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ) وهلا قلت عند دخولها. (ما شاءَ اللهُ) الأمر ما شاء أو ما شاء كائن على أن ما موصولة ، أو أي شيء شاء الله كان على أنها شرطية والجواب محذوف إقرارا بأنها وما فيها بمشيئة الله إن شاء أبقاها وإن شاء أبادها. (لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) وقلت لا قوة إلا بالله اعترافا بالعجز على نفسك والقدرة لله ، وإن ما تيسر لك من عمارتها وتدبير أمرها فبمعونته وإقداره. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم «من رأى شيئا فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره». (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) يحتمل أن يكون فصلا وأن يكون