الْمِهادُ) المستقر والمخصوص بالذم محذوف.
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ)(٢٠)
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) فيستجيب. (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) عمى القلب لا يستبصر فيستجيب ، والهمزة لإنكار أن تقع شبهة في تشابههما بعد ما ضرب من المثل. (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) ذوو العقول المبرأة عن مشايعة الألف ومعارضة الوهم.
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) ما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى ، أو ما عهد الله تعالى عليهم في كتبه. (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ما وثقوه من المواثيق بينهم وبين الله تعالى وبين العباد وهو تعميم بعد تخصيص.
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)(٢٢)
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الرحم وموالاة المؤمنين والإيمان بجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ويندرج في ذلك مراعاة جميع حقوق الناس. (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) وعيده عموما. (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا) على ما تكرهه النفس ويخالفه الهوى. (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) طلبا لرضاه لا لجزاء وسمعة ونحوهما. (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) المفروضة. (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) بعضه الذي وجب عليهم إنفاقه. (سِرًّا) لمن لم يعرف بالمال. (وَعَلانِيَةً) لمن عرف به. (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعونها بها فيجازون الإساءة بالإحسان ، أو يتبعون السيئة الحسنة فتمحوها. (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) عاقبة الدنيا وما ينبغي أن يكون مآل أهلها وهي الجنة ، والجملة خبر الموصولات إن رفعت بالابتداء وإن جعلت صفات لأولي الألباب فاستئناف بذكر ما استوجبوا بتلك الصفات.
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤)
(جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من (عُقْبَى الدَّارِ) أو مبتدأ خبره (يَدْخُلُونَها) والعدن الإقامة أي جنات يقيمون فيها ، وقيل هو بطنان الجنة. (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) عطف على المرفوع في يدخلون ، وإنما ساغ للفصل بالضمير الآخر أو مفعول معه والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم ، وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة أو أن الموصوفين بتلك الصفات يقرن بعضهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنة زيادة في أنسهم ، وفي التقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا تنفع. (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) من أبواب المنازل أو من أبواب الفتوح والتحف قائلين.
(سَلامٌ عَلَيْكُمْ) بشارة بدوام السلامة. (بِما صَبَرْتُمْ) متعلق ب (عَلَيْكُمْ) أو بمحذوف أي هذا بما صبرتم لا ب (سَلامٌ) ، فإن الخبر فاصل والباء للسببية أو للبدلية. (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) وقرئ «فنعم» بفتح