النون والأصل نعم فسكن العين بنقل كسرتها إلى الفاء وبغيره.
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(٢٥)
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) يعني مقابلي الأولين. (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) من بعد ما أوثقوه به من الإقرار والقبول. (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بالظلم وتهييج الفتن. (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) عذاب جهنم أو سوء عاقبة الدنيا لأنه في مقابلة (عُقْبَى الدَّارِ).
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ)(٢٦)
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) يوسعه ويضيقه. (وَفَرِحُوا) أي أهل مكة. (بِالْحَياةِ الدُّنْيا) بما بسط لهم في الدنيا. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ) أي في جنب الآخرة. (إِلَّا مَتاعٌ) إلا متعة لا تدوم كعجالة الراكب وزاد الراعي ، والمعنى أنهم أشروا بما نالوا من الدنيا ولم يصرفوه فيما يستوجبون به نعيم الآخرة واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع سريع الزوال.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)(٢٩)
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات. (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) أقبل إلى الحق ورجع عن العناد ، وهو جواب يجري مجرى التعجب من قولهم كأنه قال قل لهم ما أعظم عنادكم إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم ، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية ، ويهدي إليه من أناب بما جئت به بل بأدنى منه من الآيات.
(الَّذِينَ آمَنُوا) بدل من (مِنْ) أو خبر مبتدأ محذوف. (وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) أنسا به واعتمادا عليه ورجاء منه ، أو بذكر رحمته بعد القلق من خشيته ، أو بذكر دلائله الدالة على وجوده ووحدانيته أو بكلامه يعني القرآن الذي هو أقوى المعجزات. (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) تسكن إليه.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) مبتدأ خبره (طُوبى لَهُمْ) وهو فعلى من الطيب قلبت ياؤه واوا لضمة ما قبلها مصدر لطاب كبشرى وزلفى ، ويجوز فيه الرفع والنصب ولذلك قرئ (وَحُسْنُ مَآبٍ) بالنصب.
(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ)(٣٠)
(كَذلِكَ) مثل ذلك يعني إرسال الرسل قبلك. (أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها) تقدمتها. (أُمَمٌ) أرسلوا إليهم فليس ببدع إرسالك إليهم. (لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) لتقرأ عليهم الكتاب الذي أوحيناه إليك. (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) وحالهم أنهم يكفرون بالبليغ الرحمة الذي أحاطت بهم نعمته ووسعت كل شيء رحمته ، فلم يشكروا نعمه وخصوصا ما أنعم عليهم بإرسالك إليهم ، وإنزال القرآن الذي هو مناط المنافع الدينية والدنياوية عليهم. وقيل نزلت في مشركي أهل مكة حين قيل لهم (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ). (قُلْ هُوَ رَبِّي) أي الرحمن خالقي ومتولي أمري. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا مستحق للعبادة سواه.