ويجنون ثماره قبل أن يأتوا الفقراء ، وإذا جاءوا فلا يشاهدون شيئاً يأخذونه معهم (١) ، فذهبوا إلى فراشهم بهذا الأمل.
(فَطَافَ عَليها طائِفٌ مِن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ)
الطائف تعني الذي يطوف ، وقد اطلق هذا الاصطلاح على من يطوف الكعبة بهذا الاعتبار. كما يُطلق الطائف على البلاء الذي ينزل ليلاً ، من قبيل السرقة التي غالباً ما تحصل ليلاً ، وسبب الاطلاق هو أن السارق غالباً ما يطوف البيت الذي يقصد سرقته قبل أن يسطو عليه ، وذلك ليتعرَّف على نقاط ضعفه وفجواته ليدخل منها.
تأوّهات المظلومين تبلورت على نحو طائف وبلاء إلهي نزل على بستانهم وأتلفه.
(فَأَصبَحَتْ كَالصَّرِيمِ)
عند الصباح لم يجدوا أثراً من الثمار والفواكه التي خططوا لها بالأمس ، فقد تبدَّلت جنتهم إلى قطعة من الفحم.
ما هو البلاء الذي نزل على هذه الجنة؟ قد يكون عبارة عن صاعقة أمرها الله أن تحرق الجنة لتبدّله إلى فحم ورماد.
تكفي درجة حرارة بمستوى مائة لإحراق هذه الجنة ، أمَّا إذا كانت درجة حرارة الصاعقة خمسة عشر ضعفاً فما تفعل بالجنَّة؟ إنَّ هذه الدرجة من الحرارة تذيب كل أنواع الفلزات فضلاً عن الأشجار والفواكه والخضار.
(فَتَنَادوا مُصبِحِينَ* أنِ اغذُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إن كُنتُم صَارِمِينَ)
استيقظ أصحاب الجنة صباحاً ولم يكونوا على علم بما كان قد حصل لبستانهم ، فنادى أحدهم الآخر ليستعجلوا في اليقظة والذهاب لجني الثمار ، وبعد حمل المستلزمات الضرورية تحركوا باتجاه البستان.
__________________
(١) لم يتّخذوا هذا القرار بناءً للحاجة ، بل لضعف إيمانهم وبخلهم ؛ لأن بامكانهم أن يبذلوا مقداراً من محصولات بستانهم مهما كانت حاجتهم. إلَّا أن بعض المفسرين فسَّر عبارة «وَلَا يَستَثنُونَ» بنحو آخر وقال : عند ما خططوا للغد لم يقولوا : إن شاء الله ، فما كان غرورهم يسمح لهم بالتفوّه بهذه العبارة المباركة. لكن التفسير الأول اصح ؛ لكونه متناسباً مع القصّة. راجع الأمثل ١٨ : ٤٩١.