(كَأنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ...) أي أنَّ ضيق الصدر يصل إلى مستوى وكأنه يحلق إلى السماء بدون وسيلة ، كما أنّ تحليقاً من هذا النوع محال بالنسبة إلى الإنسان ، كذلك تحّمل الضيق والظلمة بالنسبة لهؤلاء ، فهم لا يطيقون ذلك. إنَّ الله يجعل هكذا ظلمة وكفر في قلوب غير المؤمنين.
خطابات الآية
١ ـ الهداية والضلالة بيد الله
إنّ المفهوم الذي يتطابق مع ظاهر الآية هو أنَّ الهداية والضلالة بيد الله ، وهذا لا يعني إلّا الجبر. ففي هذه الحالة يُعدُّ الإسلام والكفر أمرين غير اختياريين ، لكن قبول هذا ـ حسب عقيدتنا ـ يتنافى مع عدالة الله.
ومن هنا كان علينا أن نقدم مقدمة نوضح فيها الأمر :
من الفرق الإسلامية ـ التي لا تنهل من المنبع الزلال للولاية والامامة ـ فرقة تقول بالجبر وتعتقد أنَّ الإنسان مسلوب الإختيار. إنَّ الإعتقاد بهذا المذهب ـ المخالف لمذهب الشيعة ـ يتساوى مع انكار اصول الدين الخمسة.
إنّ أول أصل يغض النظر عنه هذا المذهب هو أصل العدل الإلهي ، فإنَّ الإنسان اذا كان مُجبراً على أعماله فعذاب الكافر وثواب المؤمن ليسا من العدالة ؛ لأنّه لا الكافر اختار الكفر ، ولا المؤمن اختار الايمان. ولهذا لم يقل بعدل الله من قال بالجبر.
إنَّ التوحيد هو الأصل الثاني الذي ينفى بالاعتقاد بالجبر ؛ وذلك لأنَّ الله إذا لم يكن عادلاً فهو ليس أهلاً لادارة وتدبير هذا العالم الواسع الذي يُدار على أساس النظم والحكمة.
من هنا كان إرسال الرُسُل وبعثة الأنبياء خالياً من أي معنى وتبرير ؛ فإنَّ الانبياء لا قدرة لهم على هداية الكفار وذلك لأنَّهم مسلوبو الإختيار ، كما أنّه لا تأثير للأنبياء على إيمان المؤمنين ، فإنَّ الجَبْر يحول دون انحرافهم ، وبعبارة أُخرى : أنّ الأوّل محال ، والثاني تحصيل حاصل ، وكلاهما غير ممكنين من وجهة نظر فلسفية.
الإمامة ـ التي هي استمرار للنبوة ـ تبطل للسبب السابق. وآخر أصل يبطل بالجبر هو