إنَّ الله جعل عقاب هؤلاء المذنبين تسلط الشيطان عليهم وهذا التسلط هو الذي يسبب القلق والجنون.
التناسب بين الجناية والعقاب
يعتقد بعض المفسرين أنَّ العقاب الذي يعينه القرآن لذنب ما يتناسب مع ذلك الذنب ، فبين العقاب الذي عُيِّن لآكلي الربا وبين الجنون تناسب ، وبين هذا الذنب وذلك العقاب علاقة وارتباط ، فبما أنّ آكل الربا يقوم من خلال عمله القبيح بتدمير اقتصاد المجتمع ويخرجه عن حالة التعادل ويحول دون حركة العجلة الاقتصادية كذلك هو ذاته فإنَّه سيبتلي بمصير من هذا القبيل في الاخرة.
في رواية للامام الباقر عليهالسلام يقول فيها : «الظلم في الدنيا هو الظلمات في الاخرة». (١)
فإنّ العقاب في هذه الرواية يتناسب مع الذنب ، ذلك أنَّ الظالم يُظلم الدنيا والعالم في عينيي المظلوم وعلى هذا الاساس تظلم الاخرة في عينيي هذا الظالم.
فلسفة تحريم الربا
كما أنَّ الربا وآكله يُوجب مفاسد عديدة فإنَّ تحريمه ينمّ عن فلسفات مختلفة نشير إلى بعضها هنا :
الف ـ إنَّ الظلم المشار اليه في الآية ٢٧٩ من سورة البقرة هو فلسفة تحريم الربا.
باء ـ الفلسفة الاخرى للتحريم هي تثبيت سنة (القرض) في المجتمع ، وقد جاء هذا المطلب في روايات عديدة ، منها رواية سماعة عن الامام الصادق عليهالسلام حيث يسأل فيها : إني رأيت الله تعالى قد ذكر الربا في غير آية وكرره؟ قال عليهالسلام : «أوتدري لم ذلك؟» قلت : لا. قال عليهالسلام : «لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف». (٢)
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ٢٤٤٨ ، الحديث ١١١٠٨ ، وهناك روايات أخرى في نفس الباب تدل على المضمون ذاته.
(٢) وسائل الشيعة ج ١٢ ، ابواب الربا الباب ١ ، الحديث ٣ والروايات ٤ و ٩ و ١٠ و ١١ كلها تدل على نفس المضمون ، كما أنه قد فسر صنائع المعروف في الحديث (١١) من نفس المصدر بالقرض.