الاشجار وكأنها مهمومة وجرداء من الروح ، لكن بعد فترة من الزمن أي بعد حلول فصل الربيع تبدأ الحياة الجديدة تنبض في البستان ، فتخضرّ الاشجار وتتفتح الزهور وتنمو النباتات المختلفة وتثمر الاشجار فواكه حامضة وحلوة بألوان متنوّعة بحيث تضفي طراوة على روح الإنسان.
هذه الطبيعة المدهشة دليل قاطع على وجود الله القادر المطلق ، واذا ما فكّر الإنسان بورقة خضراء فقط لكان ذلك كافياً لمعرفة الحق.
إنَّ هذه الورقة ـ كما يقول العلماء ـ إذا قصت من العرض فيبدو فيها سبع طبقات ، كل طبقة منها تحضى ببناء خاص ومهام خاصة ، إذا دققنا قليلاً نجد خطوطاً رَفِيعة على هذه الورقة الظريفة وكأنها تشبه تأسيسات الماء في مدينة ، وهي تتكفل بايصال الأغذية والماء إلى الاقسام المختلفة من الورقة. مَن الذي خلق هذه الطبقات الظريفة والجميلة؟! يا له من خالق حكيم صمَّم هذه الشبكة العظيمة والدقيقة. إنَّ الورقة وما فيها يُعدُّ كتاباً لمعرفة الخالق لمن كان أهلاً للعلم المعرفة.
إذن ، صدر الآية يدل على التوحيد ، أما ذيلها (كَذِلك نُخْرِجُ المَوْتَى) فيدل على مسألة المعاد ويرشدنا إليها.
الشرح والتفسير
كما قلنا سابقاً : إنّ الآية الشريفة جواب لسؤال مقدّر يمكن أن يتداعى في ذهن الذي يلتفت إلى الآية السابقة ، وهو : إذا كان الماء واحداً والهواء واحداً والتراب واحداً فلما ذا تنبت الزهور والنباتات في بعض البقاع ، وتنبت الأدغال والأشواك في البعض الآخر؟ وإذا كان وابل الرحمة الإلهية يصبُّ على القلوب جميعاً بشكل متساوٍ ، فكيف أنَّ بعض القلوب تهتدي وتكون مصداقاً للبلد الطيّب وبعضها الآخر يكون مصداقاً للبلد الخبيث ؛ لأنها ظلّت ولم تهتدِ؟
إنّ الآية في صدد الأجابة على هذا السؤال ، حيث تقول : (وَالبَلَدُ الطَّيِّبَ يَخرُجُ نَبَاتُهُ بإذنِ رَبِّهِ) فإنَّ التربة الطاهرة وغير المالحة تكون مناسبة ولائقة وتُخرج باذن الله نباتات مناسبة وجيّدة ، كذلك القلوب المستعدة والطاهرة ينمو فيها الثمار الحلو من الاخلاص والصفاء ، ذلك كله بوحي من الله.