أو المستكبرين والمستضعفين ، فشبَّه الله الطائفتين بشخصين ، أحدهما : ثري ومغرور بماله وثروته ، والآخر : مستضعف لكنه موحِّد. ونهاية هذين الشخصين زوال ثروة الثري وفناءها ، ممَّا أدى إلى استيقاظه من نوم الغفلة. والمثل يستبطن نكات ظريفة ولطيفة نعرض لها تدريجياً.
علاقة آيات المثل بسابقاتها
لماذا طرح الله هذا المثل ضمن هذه السورة؟ وهل هناك علاقة بين آيات المثل والآيات التي سبقتها؟
الجواب : إذا راجعنا الآيات السابقة للمثل وجدنا علاقة بينها وبين آيات المثل ، وبذلك تبدو ضرورة بيان هذا المثل في هذه السورة.
ولأجل ذلك يقول الله في الآية ٢٨ من نفس السورة :
(وَاصْبِر نَفْسَك مَعَ الّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغَدَوة والعَشِيِّ يُريدُونَ وَجهَهُ وَلَا تعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَة الحَيَاةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أغْفَلنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واتَّبعَ هَواهُ وَكَانَ أمْرُهُ فُرُطاً)
قيل في شأن نزول الآية : إنَّ مجموعة من أثرياء العرب المشركين جاءوا للرسول صلىاللهعليهوآله وأعربوا عن رغبتهم للإلتحاق بدين الرسول ولكنهم قالوا : ما يمنعنا من الالتحاق بركبك وجود فقراء حواليك من أمثال سلمان وأبي ذر وصهيب وخبَّاب ، فلا تناسب بيننا وبينهم فأبعدهم عنك لكي نلتفَّ حولك (١).
ولهذا الشأن نزلت الآية وأوضحت معيار الاسلام الأصيل ومنهجه في هذا المجال ، وأوضحت وظيفة الرسول صلىاللهعليهوآله تجاه القضية.
تحطيم القيم الكاذبة من أهداف الأنبياء
من الأهداف المهمة للأنبياء والأولياء وبخاصة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله هو تحطيم القيم الكاذبة ؛ لأنه كان للمال والثروة أرفع قيمة من وجهة نظر عَبَدَة الأصنام عهد الجاهلية ، ولا
__________________
(١) انظر تفسير الأمثل ٩ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩.