الفخمة التي بنيت على يد هؤلاء الظلمة. إن العتبات المقدسة للائمة المعصومين وغيرهم عليهالسلام كثيراً ما بُنيت أو عمّرت ووسعت على يد الظلمة ، وكمثال على ذلك المسجد الحرام ومسجد النبيّ حيث وسِّعا من قبل زمرة آل سعود الظالمة ، كما أن كثيراً من المستشفيات المهمة والجامعات الضخمة والمستوصفات والمدارس العلمية وما شابه ذلك بنيت على يد أمثال هؤلاء الظلمة وبأمرٍ منهم ، لكن يا ترى هل أنَّ هذه الأعمال الصالحة والعظيمة تفقد الأثر ولا تفيد صاحبها شيئاً في الآخرة؟ ألا تتغمّد هؤلاء الطاف الله ورحمته بسبب هذه الأعمال الكبيرة؟
إنَّ آية المثل التي سنقبل على شرحها وتفسيرها في الاسطر المقبلة هي بصدد الاجابة على هذا السؤال المقدر الذي قد يخطر في ذهن القارئ للآيات التي سبقتها.
الشرح والتفسير
(مَثَلُ الّذِيْنَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم) إنَّ أمثال القرآن على قسمين : قسم يُضرب على أعمال الإنسان ، وآية المثل هذه من هذا القسم حيث تناولت دراسة أعمال الكفار.
القسم الآخر هو الامثال التي تضرب على الشخصيات ذاتها بأن يشبّه الاشخاص أنفسهم بشيء ما مثل ما مرّ في الآية الشريفة ٢٦١ من سورة البقرة ، حيث شبّهت المنفق بحبة الحنطة التي تنتج سبعمائة حبّة.
على أي حال ، الآية الشريفة تناولت اولئك الذين كفروا بربهم ، لكن الملفت في الآية هنا هو أنَّها استخدمت مفردة (رب) بدل مفردة (الله) ، وكأنها تريد الاشارة إلى الآثار الربوبية في كل مكان ورحمة الله وبركاته على جميع أعضاء جسم الإنسان وفي جميع اللحظات ، فهي تريد القول للإنسان : إنَّك تفيد من نعم الله ـ التي يكفي واحدة منها لشكر الله ـ كل يوم وعلى طول العمر ، رغم ذلك تكفر وتجحد به ، مع أنَّ على الإنسان أن يكون شاكراً لله على نعمه دائماً.
(أعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ) الآية شبَّهت أعمال الكفار الصالحة بالرماد ، ولم تتطرق الآية إلى أعمال الكفار السيئة ، وذلك لأنَّها دون القيمة التي تستدعي التطرّق لها وبحثها.