في هذا الاطار ، أي أنَّها تريد تحطيم هذه القيم الكاذبة ، حيث قالت :
(واصْبِر نَفْسَكَ مَعَ الَّذِين يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَوة والعَشِيّ يُريدَون وَجْهَهُ) أي عليك يا أيها الرسول أن تكيِّف نفسك مع أمثال سلمان وأبي ذر وبلال وصهيب الذين يدعون ربَّهم دائماً ويتوجّهون إليه رغبة في وجهه الكريم رغم فقرهم وفقدهم للمال والثروة وغيرها من القيم الدنيوية الكاذبة.
(وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أغْفَلنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا) أي لا تتناسهم رغبة في زينة الحياة الدنيا وطاعة لمن غفل قلبه عن ذكرنا ، أي ذكر الله.
(واتَّبَعَ هَواهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطاً) (١) فإن هؤلاء الأثرياء تابعون لأهوائهم ، وأعمالهم لا تخلو عن الإفراط والتفريط.
المستفاد من هذه الآية أن الاسلام للمستضعفين والفقراء لا الأثرياء المغرورين.
كان هذا المنطق والنهج عجيباً للبعض لذلك ضرب لهؤلاء مثلاً أوضح فيه شأن المستضعفين والمستكبرين لكي تتضح من خلال ذلك القضية للجميع.
الشرح والتفسير
(وَاضْرِب لَهُم مَثَلاً رَجُلَيْن)
يطلب الله من الرسول أن يضرب لهم مثل رجلين أخوين أو صديقين.
اختلف المفسرون في أنهما كانا صديقين أو أخوين ، فبعض قال بأنهما كانا أخوين بلغهما ثمانية آلاف درهم كإرث من أبيهما ، أحدهما اشترى بمقدار قليل من الأربعة آلاف درهم وسائل بسيطة يعيش بها وانفق ما تبقى ، أمَّا الآخر فاستهلك سهمه من الإرث كله لأغراضه الشخصية ولم ينفق منه في سبيل الله ولا درهماً ، فأصبح صاحب رأس مال وبستان وحياة مرفّهة ، والآية تشير إلى قصة هذين الأخوين.
__________________
(١) الكهف : ٢٨.