قصة أصحاب الجنّة في قالب تمثيل جميل.
يستفاد من تعابير الآيات الجميلة أن هذه القصة كانت معروفة عند العرب قبل الاسلام ، بالطبع ليس بالتفصيل المذكور هنا ، وحاول القرآن بيان نكات ظريفة في هذه القصة ، أوضح من خلالها عاقبة المنَّاع للخير.
جاءت قصة أصحاب الجنة في القرآن كالتالي :
(إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كما بَلَوْنا أصحابَ الجَنَّة)
يا رسول ، إنَّا أدخلنا امتك في اختبار كما أدخلنا من قبلهم أصحاب الجنة (١) ، ويراد من الجنة هنا البستان لا ما تقابل جهنم.
كان في الامم السالفة والد خيّر ، له بستان واسع ، عند ما يحلُّ فصل جني الثمار كان هذا الرجل السخي يخبر الفقراء والمساكين لينالوا نصيباً منها ، ولأجل ذلك كان البستان ينمو ويثمر كل عام أكثر فأكثر.
توفي هذا الأب السخي وترك البستان لُاولاده ، الذين كانوا بخلاء وقصيري النظر ، ويرون ثمار البستان حقهم الخاص بهم دون غيرهم ، فمنعوا الفقراء والمساكين من النيل من البستان ، كما كان يفعل ذلك والدهم ، وكان لسان حالهم يقول : لِمَ نعطِ هؤلاء مع أنَّهم لم يفعلو لنا ولبستاننا شيئاً ولم يعملوا فيه ، كما أنهم لم يستثمروا شيئاً من أموالهم في البستان؟
وهل هم يدينون لنا بشيء؟ وهل هو إرث آبائهم؟ والحق ينبغي أن يرجع لصاحبه ، ونحن أصحاب هذا الحق وما لنا وهؤلاء الفقراء؟ ولما ذا يعيش الفقراء؟ فليموتوا!
ولأجل تحقيق أفكارهم الشيطانية رسموا الخطة التالية :
(إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِ مُنَّها مُصبحِينَ* وَلَا يَستَثنُونَ)
تقضي خطتهم التي أقسموا عليها أن يذهبوا في الصباح الباكر مع غلمانهم إلى البستان
__________________
(١) اختلف المفسرون في محلّ هذه الجنة ، فقال البعض : إنَّها في اليمن ، واحتملها البعض مدينة صنعاء الكبيرة ، وطائفة ثالثة قالت : إنَّها في الحبشة ، وطائفة رابعة قالت : في الشام ، والاحتمال الخامس : كونها في الطائف ، والاحتمال الاول هو المشهور ، راجع الأمثل ١٨ : ٤٩١.