وهي : معنويّة ، وروحانيّة ، وصوريّة بسيطة ، ومركّبة.
ثم إن كانت المادّة ـ مثلا ـ إنسانيّة ، استعدّت لقبول النفخ الإلهي ، ولسرّ قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (١) كما تحصل التسوية للسالك بالتوجّه الصحيح والتفريغ التامّ وما مرّ ذكره من الشروط ، فيستعدّ لقبول التجلّي الإلهي مثمر ممّا (٢) ذكره وغير ذلك ممّا لم يذكر ، وسنشير إلى غايات الإرادة الكلّيّة الإلهيّة بما ستعرف السرّ فيه ولو على وجه الإجمال ، ثم نرجع إلى إتمام ما قصدنا بيانه.
فنقول : والتركيب إمّا معنوي ، وهو الاجتماع الحاصل للأسماء حال التوجه لإيجاد الكون ، ولهذا نبّهت على أنّ الفرق بين التركيب والجمع يظهر في مراتب الصور لا فيما فوقها من المراتب ، فافهم.
وهذا الاجتماع المذكور هو مبدأ التصنيف والتأليف الربّاني للحروف العلميّة ؛ طلبا لإبراز الكلمات (٣) الأسمائيّة والحقائق الكونيّة ، المعربة عن سرّ ذاته وحكمها بأسمائه وصفاته في موجوداته.
ومادة هذا التأليف والإنشاء النفس الرحماني الذي هو الخزانة الجامعة ، وأمّ الكتاب على ما سيتلى عليك من أنبائه ما ييسّر (٤) الحقّ ذكره. هذا هو حكم التركيب المعنوي الذي هو الاجتماع الأوّل ، والظاهر عنه وبعده.
وإمّا صوري مادّي أو شبيه به ، فالشبيه بالمادّي كتوجّهات الأرواح النوريّة من حيث قواها ، وما سرى فيها من خواصّ الأسماء التي كان اجتماعها سببا لوجود الأرواح وظهور (٥) عالم المثال ومظاهرها المثاليّة.
ثم توجّهات الأرواح من حيث تقيّدها بمظاهرها المثاليّة بحسب صفاتها ، ومن حيث مراتب مظاهرها بقواها والخواصّ الحاصلة لها من المراتب الأسمائيّة لإنتاج الصور العلويّة والأجرام البسيطة بالنسبة.
__________________
(١) المؤمنون (٢٣) الآية ١٤.
(٢) ق ، ه : ما مر. وحق العبارة هكذا : المثمر ممّا ذكر وغير ذلك ...
(٣) ق : كمالات.
(٤) ق : تيسّر.
(٥) في بعض النسخ : لظهور.