أصولا بالتفسير المذكور ، وظهور الواحد في تنوّعات أحوال ذاته أشخاصا وأنواعا وأجناسا وفصولا ـ زوال عين الأغيار ، مع بقاء التمييز والاختلاف على الدوام والاستمرار ، وهذا سرّ لا إله إلّا الله المشروع ، فافهم وأظنّ (١) أنّك لا تكاد تفهم.
ثم أقول : والحضور المذكور المعرّف المعيّن بالعلم صور البواعث ، وحكمه استجلاء المعلوم لا يتأخّر عنه الاستجلاء ، سواء تعلّق العلم بالمعلوم حال الاستحضار أو كان معلوما من قبل ، لكن منع من دوام ملاحظته غفلة أو ذهول عنه بغيره ؛ لإنّ حكم كلّ واحد من الحضور والغيبة لا يعمّ ، بل لا بدّ للإنسان في كلّ حال من حضور مع كذا ، أو (٢) غفلة عن كذا ، ولا يظهر حكمهما إلّا بالنسبة والإضافة وهكذا الأمر في المبادئ والغايات إنّما تتعيّنان ـ كما قلنا ـ بحسب قصد القاصدين ، وأوّليّات بواعث السائرين ، وإلّا فكلّ غاية بداية لغاية أخرى هذه بدايتها ، فأقوم الصراطات بالنسبة إلى كلّ قاصد غاية مّا يتوخّاها ويقصد التوجه إليها هو الصراط الأسدّ ، الأسلم من الشواغب والآفات ، الأقرب إلى تلك الغاية المقصودة له ، أيّة غاية كانت ، وكلّ صراط لا يكون كذلك ، فهو عنده بالإضافة إلى الصراط المذكور معوّج غير مستقيم.
فظهر أنّ الاستقامة والاعوجاج أيضا ، يتعيّنان بالمقاصد ، فالأمر فيهما ـ كما في سواهما ـ راجع إلى النسب والإضافات فافهم ، فقد أبنت (٣) لك الحقائق الأصليّة ، والأسرار العليّة الإلهيّة (٤) منتظمة محصورة في أوجز عبارة ، وألطف إيماء وإشارة ، والله المرشد.
__________________
(١) ق : ظني ، ه : ظن.
(٢) ق ، ه : و.
(٣) ق : أنبئت ، ه : أنبت.
(٤) في بعض النسخ : الآلية.