الكلمتين ، ليتّضح
بذلك حكم اللسان ، ثم أتكلّم بما فتح الحقّ به عليّ في ذلك وما يقتضيه ذوقي ، ولو
لا قصد تطبيق الأمور الذوقيّة على ما يقتضيه المفهوم من حيث الاصطلاح اللغوي ، لم
أورد شيئا من كلام أهل النقل ، ولكن قد استثنيت في أول التزامي المذكور في مقدّمة
الكتاب هذا القدر لهذه الحكمة التي نبّهت عليها ، فأقول :
من جملة ما ذكروا
في الفرق بين الملك والمالك أنّ المالك مالك العبد ، والملك ملك الرعيّة ، والعبد
أدون حالا من الرعيّة ، فوجب أن يكون القهر في المالكيّة أكثر منه في الملكيّة ،
فالمالك إذا أعلى حالا من الملك ، والملك يملك من بعض الوجوه مع قهر وسياسة ،
والمالك يملك على كلّ حال ، وبعد الموت له الولاء.
وقالوا أيضا :
الحقّ تمدّح بكونه مالك الملك ـ بضمّ الميم ـ ولم يتمدّح بكونه ملك الملك ـ بكسر الميم ـ وذلك قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) ؛ فثبت أنّ المالك أشرف من الملك.
وقالوا أيضا :
الملك قد يكون مالكا وقد لا يكون مالكا ، كما أنّ المالك قد يكون ملكا وقد لا يكون
، فالملكيّة والمالكيّة قد تنفكّ كلّ واحدة منهما عن الأخرى إلّا أنّ المالكيّة
سبب لإطلاق التصرّف ، والملكيّة ليست كذلك ، فكان المالك أولى.
اعلم ، أنّه لمّا
كان سائر المفهومات التي تتضمّنها هذه الكلمة من صفات الكمال ـ بالألف وبدونه ـ
كلّها ثابتة للحقّ ، لهذا وردت القراءة بالروايتين ، فإنّ الجمع أولى وأكمل ، و لمّا كان أمر الحقّ واحدا ، والترجيح في كلّ مرتبة من مراتب
الأسماء والصفات لا يصحّ إلّا لشيء واحد من نسبة واحدة ، فبذلك الأمر الراجح يصل
الأمر الإلهي الوحداني إلى غيره من الأشياء المرجوحة ، في ذلك المقام وتلك المرتبة
، وهو مظهر الحقّ ، وحامل سرّ الربوبيّة والتحكّم على ما تحت حيطته حالتئذ ، كما
ذكر من قبل ، ويذكر أيضا عن قريب ـ إن شاء الله ـ اقتضى الأمر الذوقي ترجيح إحدى القراءتين مع جواز القراءة بهما.
__________________