ما نشعر به من بعض يجب أن نسارع في تلافيه واصلاح غلطه. والامل أن نعد ذلك مهمة النجاح ، وان نسلك فيها خير الطرق على ان لا نفلت من أيدينا ناحية المعرفة من طريقهم. فأذا تكلمنا في الإبل جمعنا ما يعلمون وبصرناهم بما عندنا مما يفيد. وهكذا في الخيل جمعنا حكاياتهم وما عرفناه عنها. وهكذا نمضي في الشعر ، وفي المجالس الادبية ، وفي الصيد ، والسباق ، وفي تربية المواشي وادارة المراعي. والامل أن نعرف نحن أيضا ما عندهم لتتساوى المعرفة. وكثير مما عنهم لا نزال في غفلة عنه. ونريد ان نعلمهم ما يعلمه بعض أفرادهم الافاضل. وفي ذلك توجيه للهدف الاصلاحي ، وتدريب للحياة العملية ، ونقد للعوائد المرذولة. ومن ناحية أخرى يجب ان نقدم بعض النابهين إلى المدن ليتعلموا ويعلموا قومهم أو ان نمضي بهم حتى يتمكنوا من التحصيل العالي ، وبالتوالى نكثر من عدد هؤلاء.
هذه الحالة البدوية في الثقافة.
وأما أهل الأرياف فهم أقرب إلى المدن في كثير من أوضاعهم. فالغفلة عن حياة الأرياف لا تقل عن البدو ولا تزال العناية بها قليلة جدّا وان كانت غير منعدمة بل زادت العناية بها ولكن من غير طريقها بتطبيق المناهج الابتدائية. وفي هذه يقال ما قلنا في تلك. وهؤلاء أدبهم العامي لا يشبه الادب البدوي. وقد يقاربه أحيانا وفي بعض الاصقاع مما تدعو الحاجة إلى استغلاله. وفيه تقريب من الفصحى أي ان معرفته واستظهاره يقربنا كثيرا من الادب الفصيح. والعشائر الريفية متأثرة به. ولا نريد أن نعين وجوه الاستفادة منه للمطالب الاجتماعية والقومية. وانما كلامنا في الثقافة بوجه عام. والتحول مشهود في البدوي اذا انتقل إلى الأرياف فلا يلبث أن تزول منه (ثقافة البادية) ، ويكتسب (أدب الأرياف). وهذا ما يدعو إلى أن المرء لم يكن مقصورا على نوع من الادب وان الممارسة والمحيط أو البيئة مما تقربه إلى المتعارف. وهذا النوع يقرب من الفصحى أيضا. ومن ناحية التأثير تدعو الحاجة إلى أن نقتبس البيان من هؤلاء ليكون أدبنا