والنظم الاجتماعية في القبائل مكنتها الحالات القسرية والاوضاع القطعية وتارة التحكمات وهذا ما ندعوه ب (العرف العشائري). فاذا زالت الاسباب ابدل ما عنده بالنظم الشرعية. أو ما ندعوه بالنظم الحديثة. فاذا رأى البدوي أن امواله مصونة ، وان حياته هادئة فلا يرى صعوبة في القبول ولا يتردد لا سيما انه اذا رأى في حياة الأرياف ما يسد احتياجاته انصاع حينئذ إلى ما تصبو إليه تلك الحياة من نظم ، وقبل الحضارة وتحولاتها الجديدة بلا نفرة. وهكذا فعل اسلافه ممن مالوا إلى الأرياف أو المدن. فالبدو يناضلون بقوة ويقارعون أهل الأرياف ليزيحوهم ويحلوا محلهم. وأن هؤلاء يدافعون ويناضلون ويحاولون صدهم باتفاق مع العشائر الريفية الاخرى. وهذا النزاع والمثابرة عليه حرب دائمة ومن ثم يغتنمون الفرص فيحلون تدريجيا لينالوا ما ناله أهل الأرياف من رفاه نوعا ما ، وقد تحدث جوائح من طواعين او حروب طاحنة او قحط وما ماثل ذلك فتؤدي إلى خلل في نفوس الأرياف ، او ما يدعو ان يميلوا إلى المدن لما انتاب من حروب ، او ان يركنوا إلى العشائر القوية وينظموا اليها فينزع البدو إلى الأرياف ويحلون المواطن الريفية.
وهذا كله يعيّن حاجة البدو وطموحهم إلى الأرياف حتى يتيسر لهم ان يتمكنوا ، الامر الذي يولد فينا فكرة استغلال هذا الوضع الطبيعي بأعداد (مواطن ريفية) واتخاذ مشاريع زراعية ، أو عمل آبار فنية (ارتوازية) لإسكانهم تطمينا لتلك الرغبة. والا فأمل التقريب بعيد والاصلاح صعب. وأرى ان تكون المشاريع الخاصة بالبدو في مواطنهم واماكن وجودهم حذرا من دخول المتنفذين والاستئثار عليهم. وبذلك تنقطع المشادة بين البدو وأهل الأرياف. ومن ثم نرى النظم البدوية سهلة التبديل ، وهي بذاتها واجبة الازالة اذا تمكنت الدولة. واذا كنا قضينا على الغزو فمن المتيسر الغاء (قانون العشائر) والسير بهم بقوانين المملكة المدنية. وما معنى مسؤولية الواحد عن عمل الاخر ، واخذه بجريرة غيره!؟ فالقضاء على مثل هذه امر ضروري لحماية الحق والنفس والمال.