الحقيقي يظهر البواطن ويعين مكان الحل.
اننا في هذه الحالة نحتاج إلى قدرة سياسية وقضائية معا. وقد يعرض للمرء بأن مثل هذه لا توجد في الغالب. والخطل سائد في كثير من رأينا. ولا يزال وجه النزاع باديا. وهنا لا يهمنا الطعن بالادارة. وانما تدعو الحاجة إلى التوجيه. ولا نلتفت إلى أقوال مثل هذه.
تولدت عندتا مشاكل عديدة ولا شك ان هذه كغيرها تحسم بوجه مهما كان نوعها بيد الجاهل والعالم ... ولم يكن المقصود الحسم المطلق والا فبوسع كل أحد ان يقطع النزاع ظاهرا استنادا إلى السلطة. ولكنه لم يعمل شيئا اذا لم يكن زاد في المصيبة. ويعنينا بيان المشاكل بالنظر لقانون العشائر في الأرياف.
فإن الغاء الغزو مما حرم العشائر من فوائد ، أو منافع كانوا يظنونها الوسيلة المهمة لبقاء حياتهم فلم يطرأ على هذه الحياة خطر وزالت بما فيها من عرف. فلا شك ان المسؤولية يجب أن تكون محدودة وخاصة بالمسؤول إلا ان تكون اجماعية ، فنسأل الجميع كما في (القسامة) المعروفة في الشريعة الاسلامية. فاذا لم يعرف القاتل في قرية أو قبيلة فلا ينبغي ان نتهاون في الحل بأن نسأل الكل. أوضحت ذلك في المجلد الاول من هذه الموسوعة. وعندنا في وقائع عديدة الزمت الادارة المتهم الذي لم تتحقق الجريمة عليه دون مراعاة مسؤولية القرية أو العشيرة التي وقع بالقرب منها الحادث مما يستدعي مسؤوليتها. ولعل بقاء المسؤولية لغير الجاني اعتراف من الادارة بضعف تشكيلاتها وبعجزها عن تطبيق الحق. واذا كان هذا تدبيرا مقبولا في حق البدو الرحل لضرورة قاهرة ، فلا ينبغي أن يسوغ في الأرياف فهم أهل قرى اولا يختلفون عنهم. ولم نر قانونا في أمة يلزم بالمسؤولية غير المسؤول حقيقة.
كانت الادارة غير متسلطة ، وان الجاني كان معتزا بعشيرته. وفي هذا حماية له لفقدان القدرة في مطاردته. ومن ثم تركن العشائر إلى مراعاة