إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧))
قوله : (قالَتْ رَبِ) جملة معترضة ، من كلامها ، بين كلام الملائكة.
والنداء للتحسر وليس للخطاب : لأنّ الذي كلمها هو الملك ، وهي قد توجهت إلى الله.
والاستفهام في قولها (أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) للإنكار والتعجّب ولذلك أجيب جوابين أحدهما كذلك الله يخلق ما يشاء فهو لرفع إنكارها ، والثاني إذا قضى أمرا إلخ لرفع تعجّبها.
وجملة (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ) إلخ جواب استفهامها ولم تعطف لأنّها جاءت على طريقة المحاورات كما تقدم في قوله تعالى : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها) وما بعدها في سورة البقرة [٣٠] والقائل لها هو الله تعالى بطريق الوحي.
واسم الإشارة في قوله : (كَذلِكِ) راجع إلى معنى المذكور في قوله : (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ـ إلى قوله ـ وَكَهْلاً) [آل عمران : ٤٥ ، ٤٦] أي مثل ذلك الخلق المذكور يخلق الله ما يشاء. وتقديم اسم الجلالة على الفعل في قوله : (اللهُ يَخْلُقُ) لإفادة تقوى الحكم وتحقيق الخبر.
وعبر عن تكوين الله لعيسى بفعل يخلق : لأنّه إيجاد كائن من غير الأسباب المعتادة لإيجاد مثله ، فهو خلق أنف غير ناشئ عن أسباب إيجاد الناس ، فكان لفعل يخلق هنا موقع متعين ، فإنّ الصانع إذا صنع شيئا من موادّ معتادة وصنعة معتادة ، لا يقول خلقت وإنما يقول صنعت.
(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩))
جملة (وَيُعَلِّمُهُ) معطوفة على جملة (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) [آل عمران : ٤٦] بعد انتهاء الاعتراض.
وقرأ نافع ، وعاصم : ويعلّمه ـ بالتحتية ـ أي يعلّمه الله. وقرأه الباقون بنون