لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) [الأنفال : ٤٤].
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤))
(زُيِّنَ).
استئناف نشأ عن قوله : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) [آل عمران : ١٠] إذ كانت إضافة أموال وأولاد إلى ضمير «هم» دالة على أنّها معلومة للمسلمين. قصد منه عظة المسلمين ألّا يغترّوا بحال الذين كفروا فتعجبهم زينة الدنيا ، وتلهيهم عن التهمّم بما به الفوز في الآخرة ؛ فإنّ التحذير من الغايات يستدعي التحذير من البدايات. وقد صدّر هذا الوعظ والتأديب ببيان مدخل هذه الحالة إلى النفوس ، حتى يكونوا على أشدّ الحذر منها ؛ لأنّ ما قرارته النفس ينساب إليها مع الأنفاس.
والتزيين تصيير الشيء زينا أي حسنا ، فهو تحسين الشيء المحتاج إلى التحسين ، وإزالة ما يعتريه من القبح أو التشويه ، ولذلك سمّي الحلاق مزيّنا.
وقال امرؤ القيس :
الحرب أول ما تكون فتيّة |
|
تسعى بزينتها لكلّ جهول |
فالزينة هي ما تكون في الشيء من المحاسن : التي ترغّب الناظرين في اقتنائه ، قال تعالى : (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [الكهف : ٢٨]. وكلمة زين قليلة الدوران في كلام العرب مع حسنها وخفّتها قال عمر بن أبي ربيعة :
أزمعت خلّتي مع الفجر بينا |
|
جلّل الله ذلك الوجه زينا |
وفي حديث «سنن أبي داود» : أنّ أبا برزة الأسلميّ دخل على عبيد الله بن زياد ـ وقد أرسل إليه ليسأله عن حديث الحوض ـ فلمّا دخل أبو برزة قال عبيد الله لجلسائه : إنّ محمّديّكم هذا الدحداح. قال أبو برزة : «ما كنت أحسب أنّي أبقى في قوم يعيّرونني بصحبة محمد». فقال عبيد الله : «إنّ صحبة محمد لك زين غير شين».
والشهوات جمع شهوة ، وأصل الشهوة مصدر شهي كرضي ، والشهوة بزنة المرّة ، وأكثر استعمال مصدر شهي أن يكون بزنة المرة. وأطلقت الشهوات هنا على الأشياء